فمن رأى أنه من باب البدل جوزه، ومن رأى أنه من باب إخراج القيمة منع.
وإن عدم منها السنان جميعًا، هل يخير الساعي على صاحب الإبل أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه لا خيار له، ويجبر رب الإبل على أن يأتي بابنة مخاض على ما أحب أو كره، وهو قول ابن القاسم في المدونة.
والثاني: أن الساعي مخير إن شاء كلفه بنت مخاض، وإن شاء بابن لبون ذكر، وهو تأويل ابن المواز على قول ابن القاسم في المدونة؛ لاستشهاده بقول مالك في المائتين.
وعلى القول بأنه لا خيار للمصدق فإذا لم يلزمه بنت مخاض حتى أحضر صاحب الإبل ابن لبون ذكرًا، هل يجبر المصدق على قبوله أم لا؟
على قولين:
أحدهما: أنه يجبر على قبوله، ويكون بمنزلة ما لو كان فيها، وهو قول ابن القاسم.
والثاني: أنه لا يجبر، وهو قول أصبغ؛ لأنه لما عدم في الإبل كان الساعي على أمره كما لو كان السنان في الإبل.
والحكمة في كون الشارع جعل ابن لبون عوضًا من بنت مخاض إذا عدمت؛ وذلك أن بنت مخاض لها مزية الأنوثية، والإناث في الإبل عند العرب أفضل من الذكران للنسل والدر، وابن اللبون له مزية السن؛ لأنه أكبر من بنت مخاض، فكان ما فات للمساكين من جودة بنت مخاض في الأنوثية استدركوه في كبر [سن](١) ابن لبون وكثرة لحمه.