للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من ذهب إلى أن ذلك اختلاف قول، وأن الذي يلزم في الجلجلان يلزم في سائر الحبوب والثمار.

وقد حكى أبو الوليد الباجي عن مالك في المسألة قولين في الجلجلان والزيتون وسائر الحبوب التي يراد منها الزيت، ويقاس على ذلك الثمار من النخيل والأعناب وسائر ما كان في معناها.

وأما الزيتون والزرع فلا يخلو الأمر فيها من أحد وجهين: إما أن يكون هناك سبب [يحرك الحزم] إلى خرصها أم لا، فإن لم يكن هناك سبب [يقتضي] (١) الخرص [فلا خلاف في المذهب أن الخرص] (٢) فيها غير مشروع؛ وذلك أن السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخرص إنما كان في النخيل والأعناب دون ما عداهما من سائر الحبوب التي تراد [للاختباز] والزيت إما لكونها شريعة غير معقولة المعنى.

وإما لكون النخيل والأعناب مما يتأتى فيه الخرص لبروز الثمرة وظهورها، ويأتي الاحتياط بقدرها للناظر، وذلك المعنى معدوم في الزيتون والقطاني وسائر الحبوب التي يراد منها الزيت؛ لأن ثمارها مستترة بالأوراق مختفية في الأكمام، ويتعذر فيها الخرص على الخارص، وهذه العلة معدومة في الزرع، ومع ذلك الخرص فيه غير مشروع؛ وذلك أن الزرع مساوٍ للثمار في تأتي الخرص وإدراك الكمية؛ ولذلك جاز بيعه في سنبله وهو قائم قبل حصاده لتمكن الإحاطة بمقداره كالثمر.

وإما لكون ثمار النخيل والأعناب إنما جرت العادة بامتداد الأيدي إليها في أول بدو صلاحها والانتفاع برطب فواكهها بيعًا وعارية وأكلًا، والزرع والزيتون بخلاف ذلك في غالب الأحوال، وهذه العلة أشبه لأنها أعم


(١) في أ: يحرك.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>