للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤيِّدُ ذلك: حديثُ عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ في «السننِ»؛ لما سمِعَ ابنَه يجهرُ بها، فأنكَرَه، وقال: «يا بنيَّ، إياكَ والحَدَثَ»، وذكر أنه صلَّى خلفَ النبيِّ وأبي بكرٍ وعمرَ، فلم يكونوا يجهرونَ بها (١).

وأيضًا: فمن المعلومِ أن الجهرَ بها مما تتوفَّرُ الدواعي على نَقْلِه، بل لو انفردَ بنقلِ مثلِ هذا الواحدُ أو الاثنانِ؛ قُطِع بكذِبِهما، وبمثلِ هذا تُكذَّبُ دعوى الرافضةِ النصَّ على عليٍّ في الخلافةِ، وأمثالُ ذلك.

وقد اتفقَ أهلُ المعرفةِ على أنه ليسَ في الجهرِ حديثٌ صريحٌ، ولم يَرْوِ أهلُ السُّننِ شيئًا من ذلك، إنما يوجدُ الجهرُ بها في أحاديثَ موضوعةٍ، يَروي ذلك الثَّعْلبيُّ (٢) والماوَرْديُّ وأمثالُهما (٣) منَ الذين يحتجُّونَ بمثلِ حديثِ الحُمَيراءِ (٤).


(١) رواه أحمد (١٦٧٨٧)، والترمذي (٢٤٤)، والنسائي (٩٠٨)، وابن ماجه (٨١٥).
(٢) قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٥٤: (الثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع).
(٣) ينظر: تفسير الثعلبي ١/ ١٠٥، سنن الدارقطني ٢/ ٦٥، التحقيق لابن الجوزي ١/ ٣٤٨، نصب الراية ١/ ٣٢٣.
(٤) قال شيخ الإسلام في منهاج السنة ٧/ ٤٢٩: (فقد يروج على أهل التفسير والفقه والزهد والنظر أحاديث كثيرة: إما يصدقون بها، وإما يجوزون صدقها، وتكون معلومة الكذب عند علماء الحديث، وقد يصدق بعض هؤلاء بما يكون كذبًا عند أهل المعرفة؛ مثل ما يَروي طائفة من الفقهاء حديث: «لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص»).
وقال ابن القيم في المنار المنيف (ص ٦٠) بعد ذكره حديث «لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص»: (وكل حديث فيه: "يا حميراء"، أو ذكر "الحميراء" فهو كذب مختلق، مثل "يا حميراء لا تأكلي الطين فإنه يورث كذا وكذا"، وحديث "خذوا شطر دينكم عن الحميراء").

<<  <  ج: ص:  >  >>