المقدورِ، فإذا كان في القلبِ حبُّ اللهِ ورسولِه ثابتًا؛ استلزمَ موالاةَ أوليائِه، ومعاداةَ أعدائِه، {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}، فهذا التلازمُ أمرٌ ضروريٌّ.
ومن جهةِ ظنِّ انتفاءِ اللازمِ؛ غلِطَ غالطونَ؛ كما غلِطَ آخرونَ في جوازِ وجودِ إرادةٍ جازمةٍ معَ القدرةِ التامةِ بدونِ الفعلِ، حتى تنازعوا: هل يُعاقَبُ على الإرادةِ بلا عملٍ؟
وقد بيَّنَا أن الهِمَّةَ التي يهُمُّها ولم يقترنْ بها فعلُ ما يَقدرُ عليه الهامُّ: ليسَتْ إرادةً جازمةً؛ وأن الجازمةَ لا بدَّ أن يُوجَدَ معها ما يقدرُ عليه العبدُ، والعفوُ وقَع عمَّن همَّ بسيئةٍ ولم يفعَلْها، لا عمَّن أرادَ وفعَلَ الذي أمكَنَه، وعجَز عن تمامِ مرادِه.
ومَن عرَف المُلازَماتِ بينَ الظاهرِ والباطنِ؛ زالت عنه شُبُهاتٌ كثيرةٌ (١).
وتحقيقُ الإيمانِ أو غيرِه مما هو من الأعمالِ الباطنةِ أو الظاهرةِ؛ مثلُ: حبِّ اللهِ، والانقيادِ له، والاستكانةِ، ووجَلِ القلبِ، وزيادةِ الإيمانِ عندَ ذِكْرِ آياتهِ، والتوكُّلِ عليه، والجهادِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وضدِّ ذلك؛ مما يحدُثُ عن التصديقِ، أو عن التكذيبِ، والهَمِّ بالحسنةِ، أو السيئةِ، أو غيرِ ذلك، واللهُ أعلمُ.
(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (إذا تحقق ما في لقلب … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٧/ ٦٤١.