للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقادٌ فاسدٌ، وإن اعتقد أنه هو المدبِّرُ فهو كافرٌ، وخصوصًا إذا انضمَّ إلى ذلك دعاؤه والاستغاثةُ به؛ كان كفرًا وشركًا محضًا.

وغايةُ من يقولُ ذلك يبْنيه على أن هذا الولدَ وُلِد بهذا الطالعِ، وهذا القدرُ يمتنعُ أن يكونَ وحدَه هو المؤثِّرَ في أحوالِ هذا المولودِ، بل غايتُه أن يكونَ جزءًا يسيرًا من جملةِ الأسبابِ، وهذا القدْرُ لا يوجِبُ (١)، بل الوالدان والبلدُ الذي هو فيه سببٌ محسوسٌ في أحوالِ الولدِ، ومع هذا فليس هذا مستقلًّا.

ثم إن الأوائلَ من المنجِّمينَ المشرِكينَ؛ قيلَ: إنهم كانوا إذا وُلِد الولدُ سمَّوْه باسمٍ يدلُّ على الطالعِ، فإذا كبرَ سُئِل عن اسمِه؛ أخذ السائلُ حالَ الطالعِ، فجاء هؤلاءِ الطرقيةُ يسألون الرجلَ عن اسمِه واسمِ أمِّه، يزعُمونَ أنهم يأخذونَ من ذلك الدلالةَ على أحوالِه، وهذه ظلماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ، منافيةٌ للعقلِ والدينِ.

وأما اختباراتُهم؛ مثلُ أن يأخذوا للسفرِ: مثلًا أن يكونَ القمرُ في شرقِه؛ وهو السرطانُ، وألَّا يكونَ في هبوطِه؛ وهو العقربُ؛ فهو من هذا البابِ المذمومِ.

ولما أراد عليٌّ أن يسافرَ لأجلِ الخوارجِ، عرَض له منجِّمٌ فقال: لا تسافرْ؛ فإن القمرَ في العقربِ، يُهْزمْ جيشُك، فقال: (بل نسافرُ توكلًا على الله، وتكذيبًا لك). فبُورِك له، وقتَل عامَّةَ الخوارجِ، وكان ذلك


(١) عبارة مجموع الفتاوى ٣٥/ ١٧٨: (لا يوجب ما ذكر).

<<  <  ج: ص:  >  >>