للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طوائفَ كثيرةٍ منتسبة إلى هذه الملةِ، مع وجودِ من يبيِّنُ كذبَ هؤلاء وينهى عن ذلك، ويذُبُّ عن المسألةِ بالقلبِ والبدنِ واللسانِ، فكيف الظنُّ بما يُضافُ إلى إدريسَ أو غيرِه من الأنبياءِ من أمورِ النُّجومِ والفلسفةِ، مع تطاولِ الزمانِ وتنوُّعِ الحدَثانِ، واختلافِ المِلَلِ والأديانِ، وعدمِ من يبيِّنُ ذلك بحجةٍ أو برهانٍ، واشتمالِ ذلك على ما لا يُحْصى من الكذبِ والبُهتانِ.

وكذلك دعوى المدَّعي: أن نجمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالعقربِ والمِريخِ، ونجمَ أمتِه بالزُّهَرةِ، ونجمَ النصارى بالمُشْتري؛ مع قولِهم: إن المشتريَ يقتضي العلمَ والدينَ، والزُّهَرةَ تقتضي اللهوَ واللعبَ، وكلُّ عاقلٍ يعلم أن النصارى أعظمُ المللِ جهلًا وضلالةً، وأكثرُهم اشتغالًا بالملاهي.

والفلاسفةُ متفقون على أنه ما قرَع العالَمَ ناموسٌ أعظمُ من الناموسِ الذي جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وأمتُه أكملُ الأممِ عقلًا ودينًا وعلمًا؛ باتفاقِ الفلاسفةِ، حتى فلاسفةِ اليهودِ والنصارى؛ وإنما يمكثُ أحدُهم على دينِه لهواه، أو ظنًّا منه أنه يجوزُ التمسُّكُ بأيِّ ملةٍ كانت كالمذاهبِ، فإن جمهورَ الفلاسفةِ من المنجِّمين وأمثالِهم يقولون ذلك، فظهر جهلُهم على اعتقادِهم وصنعتِهم؛ فإن المسلمين باتفاقِ كلِّ ذي عقلٍ أولى بالعلمِ والدينِ والعقلِ والعدلِ مما يناسبُ عندَهم آثارَ المُشْتري، والنصارى أبعدُ عن ذلك مما يناسبُ عندَهم آثارَ الزُّهَرةِ.

فما ذكروه ظاهرُ الفسادِ؛ حتى إن كبيرَ الفلاسفةِ الذي يسمُّونه بفيلسوفِ الإسلامِ يعقوبَ بنَ إسحاقَ الكِنديَّ عمِل تسييرًا لهذه الأمةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>