ومثل قبرِ جابرٍ الذي في حَرَّانَ؛ كذبٌ؛ إنما هو بالمدينةِ بالاتفاقِ، وقبرِ عبدِ اللهِ بنِ عمرو بالجزيرةِ؛ بل هو بمكَّةَ اتفاقًا.
وكذا قبرُ رُقيَّةَ وأمِّ كُلْثومٍ مما هو بالشامِ أو مصرَ أو غيرِهما؛ فإن الناسَ متفقونَ على أنهما ماتتا في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تحتَ عثمانَ، وبهما سُمِّي: أبا النُّورَينِ، ولكن قد يتفقُ اسم أحدٍ من الناسِ، فيظنُّ الجهَّالُ أنه فلانٌ -مثلًا- لشهرتِه، ويكونُ غيرَه (١).
وكذلك المسجدُ الذي بجانب عرفةَ، يقالُ له: مسجدُ إبراهيمَ، قد يظنُّ بعضُهم أنه الخليلُ، وإنما هو من ولدِ العباسِ، وكان بحَرَّانَ مسجدُ إبراهيمَ، فيَظنُّ الجهَّالُ أنه الخليلُ، وإنما هو إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ؛ الذي كانت له الدعوةُ العباسيةِ، مات هناك في الحبسِ، وأوصى إلى أخيه المنصورِ.
وأما قبرُ الخليلِ عليه السلام؛ قال العلماءُ: على أنه حقٌّ لكن كان مسدودًا، بمنزلةِ قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأُحْدِث عليه المسجدُ، وكان أهلُ العلمِ والدينِ العالمينَ بالسنَّةِ لا يُصَلُّون هناك.
(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (القبور ثلاثة … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢٧/ ٤٩١، الفتاوى الكبرى ٥/ ٣٦٥.