للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه ذريتَه، فقال: خلقتُ هؤلاءِ للجنةِ، وبعمَلِ أهلِ الجنةِ يعملونَ، ثم مسَح ظهرَه فاستخرجَ منه ذريتَه، فقال: خلقتُ هؤلاءِ للنارِ، وبعملِ أهلِ النارِ يعملونَ»، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، ففيمَ العملُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ إذا خلَقَ الرجلَ للجنةِ استَعمَلَه بعمَلِ أهلِ الجنةِ؛ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنةِ، فيُدخلهُ به الجنةَ، وإذا خلَق الرجل للنارِ استَعملَه بعملِ أهلِ النارِ؛ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النارِ؛ فيُدخلهُ به النارَ» (١).

وفي حديثِ الحكمِ بنِ سِنانٍ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ قبَضَ قبضةً، فقال: إلى الجنةِ برَحْمتِي، وقبَضَ قبضةً فقال: إلى النارِ ولا أُبالي» (٢).

وهذا المعنى مشهورٌ عنه من وجوهٍ متعددةٍ، وفيه فصلانِ:

أحدُهما: القدرُ السابقُ؛ وهو أنَّ اللهَ سبحانَه علِمَ أهلَ الجنةِ من أهلِ النارِ قبلَ أن يعملوا الأعمالَ، وهذا حقٌّ يجبُ الإيمانُ به، بل قد نصَّ الأئمةُ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ: أن مَن جحَدَ هذا فقد كفَر؛ بل يجبُ الإيمانُ به؛ فإن اللهَ علِمَ ما سيكونُ كلَّه قبلَ أن يكونَ؛ كما في «صحيحِ مسلمٍ» (٣) عن النبيِّ: «إنَّ اللهَ قدَّر مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أن يخلقَ


(١) رواه مالك (٢/ ٨٩٨)، وأبو داود (٤٧٠٣)، والترمذي (٣٠٧٥)، ورواه أحمد أيضًا (٣١١)، من طريق مسلم بن يسار عن عمر رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (١٧٥٩٤).
(٣)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>