للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأُمِّيِّ الذي علَّمَهم الكتابَ والحكمةَ، كيفَ يظهرُ للمشركينَ، ولا يظهرُ للسابقينَ الموحِّدِينَ؟! كيفَ يظهرُ لقومٍ كفارٍ يرفعُ سفينتَهم، ولا يظهرُ لخيرِ أمةٍ أُخرِجتْ للناسِ؟! وقد قال لهم نبِيُّهم: «لو كان موسى حيًّا لما وسِعَه إلا اتِّباعي» (١)، «ولو اتَّبَعْتُموه وترَكْتُموني لو كان حيًّا لضَلَلْتُم» (٢)، وإذا أُنزلَ عيسى من السماءِ إنما يحكُمُ بمِلَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وعامةُ ما يُحكَى عن الخَضِرِ: إما كذبٌ، وإما مَبْنيٌّ على ظنٍّ؛ مثلُ من رأى شخصًا، فقال: إنه الخَضِرُ، وهذا مثلُ قولِ الرافضةِ في المُنتظَرِ.

ويرُوَى عن الإمامِ أحمدَ أنه ذُكِر له ذلك، فقال: من أحالكَ على غائبٍ فما أنصَفَكَ، وما ألقى هذا على ألسن الناس إلا الشيطان.

وقد يُراد بالغَوْثِ أنه أفضلُ أهلِ زمانِه، فهذا ممكنٌ؛ لكن قد يكونُ ذلك جماعةً، وقد يتساوونَ، وقد يتفاضلونَ من وجهٍ دونَ وجهٍ.

وبكلِّ حالٍ؛ تسميته هذا غوثًا، أو قطبًا، أو جامعًا؛ بدعةٌ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلْطانٍ، ولا تكلَّم بها أحدٌ من السَّلَفِ، وما زال السَّلَفُ يظنونَ في بعضِ الناسِ أنه أفضلُ أهلِ زمانِه، ولا يُطلِقونَ هذه التسميةَ عليه.


(١) رواه أحمد (١٤٦٣١)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (١٥٨٦٤)، وعبد الرزاق في المصنف (١٠١٦٤)، من حديث عبد الله بن ثابت رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>