للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الصحيحَينِ»: «أن الناسَ يُحْشَرونَ على أرضٍ بيضاءَ عَفْراءَ كقُرصةِ النَّقِيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأحدٍ» (١).

قال ابنُ مسعودٍ: «هي أرضٌ بيضاءُ، كهيئةِ الفضةِ، لم يُعمَلْ عليها خطيئةٌ، ولا سُفِكَ فيها دمٌ حرامٌ، ويُجمَعُ الناسُ في صعيدٍ واحدٍ، ينفذُهم البصرُ، ويُسمعُهم الداعيُ، حُفاةً عُراةً غُرْلًا كما خُلِقوا، فيأخذُ الناسَ من كَرْبِ ذلك اليومِ وشدَّتِه؛ حتى يُلجِمَهم العرقُ» (٢)، وبعضُهم يرفعُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم (٣)، وكذا عن مجاهدٍ وغيرِه من السَّلَفِ (٤).

فهذا الحديثُ وسائرُ الآثارِ تبيِّنُ أن الناسَ يُحْشرَونَ على الأرضِ المبدَّلةِ، والقرآنُ يوافقُ ذلك؛ كقولِه: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا للهِ الواحد القهار}.

وحَشْرُهم وحسابُهم يكونُ قبلَ الصراطِ، فإن الصراطَ منه ينجو إلى الجنةِ، ويسقُطُ أهلُ النارِ فيها؛ كما ثبَتَ في الأحاديثِ (٥).

وحديثُ عائشةَ المتقدمُ يدُلُّ على أن التبديلَ يكونُ وهم على


(١) رواه البخاري (٦٥٢١)، ومسلم (٢٧٩٠)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
(٢) رواه الحاكم (٨٦٩٩)، وابن جرير في التفسير (١٣/ ٧٢٩)، موقوفًا.
(٣) رواه ابن أبي عاصم في الأوائل (١٧٨)، والطبراني في الأوسط (٧١٦٧)، وأبو نعيم في الحلية (٤/ ١٥٣)، مرفوعًا.
(٤) تفسير ابن جرير (١٣/ ٧٢٩) وما بعدها.
(٥) من ذلك ما رواه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو حديث طويل في ذكر الصراط والشفاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>