للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يكونُ مرادُ عثمانَ: أن غالبَ الأرضِ كانوا كفارًا مخالفينَ لنا، والآنَ قد فُتِحتِ الأرضُ، فيُمكَّنُ الإنسانُ أن يذهبَ إلى مِصرِه، ثم يرجعُ لعمرةٍ، وهذا لم يكُنْ ممكنًا في حجةِ الوداعِ لمن كان مجاورَ العدُوِّ بالشامِ والعراقِ ومصرَ.

وفي «الصحيحَينِ» عن مُطرِّفِ بنِ الشِّخِّيرِ، قال: قال لي عِمْرانُ بنُ حُصَيْنٍ: «أُحدِّثُكَ حديثًا لعلَّ اللهَ أن ينفَعَكَ به؛ إن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جمَعَ بينَ حجَّه وعُمرته، ثم إنه لم يَنْهَ عنه حتى ماتَ، ولم ينزلْ فيه قرآنٌ يُحرِّمُه»، وفي روايةٍ: «تمتَّعَ رسولُ الله، وتمَتَّعْنا معه» (١).

فهذا عِمْرانُ من أجلِّ السابقينَ الأوَّلِينَ؛ أخبَرَ أنه تمَتَّعَ، وأنه جمَع.

وفي «مسلمٍ» عن غُنَيمِ بنِ قَيْسٍ، قال: سألتُ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ عن المتعةِ في الحجِّ، فقال: «فعَلْناها وهذا كافرٌ بالعُرُشِ» (٢)؛ يعني: معاويةَ، وهو إنما كان كافرًا في عمرةِ القضيةِ.

فكان السابقونَ يَنْهَونَ عن الاعتمار في أشهرِ الحجِّ، فصار الصحابةُ يرونَ السُّنَّةَ في ذلك ردًّا على مَن نهى عن ذلك، فالقارنُ عندَهم متمتعٌ، ولهذا وجَبَ عليه الهدي، ودخَل في قولِه: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}.


(١) رواه البخاري (١٥٧١)، ومسلم (١٢٢٦).
(٢) رواه مسلم (١٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>