للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الصحيحَينِ» أنه أمَرَ أزواجَه أن يحْلُلْنَ عامَ حجِّ الوداعِ، قالت حَفْصةُ: فما منَعكَ أن تحِلَّ؟ قال: «إني لبَّدتُّ رَأْسي، وقلدتُّ هَدْيي، فلا أَحِلُّ حتى أنحرَ» (١).

وفي حديثِ عائشةَ وابنِ عمرَ: «فطافَ بالصفا والمروةِ، ثم لم يَحْلِلْ من شيءٍ حَرُمَ منه؛ حتى قضَى حجَّه، ونحَرَ هَدْيَه يومَ النحرِ، وأفاضَ فطاف بالبيتِ، ثم حلَّ من كلِّ شيءٍ» (٢)، وفي روايةٍ: قالت حَفْصةُ: ما شأنُ الناسِ حلُّوا، ولم تَحِلَّ أنتَ من عُمْرتِكَ؟ فقال: «إنِّي لبَّدتُّ رأسي، وقلَدتُّ هَدْيي، فلا أحِلُّ حتى أنحرَ».

فهذا يدلُّ على أنه كان معتمرًا، وليس فيه أنه لم يكُنْ معَ العمرةِ حاجًّا.

فقد تبيَّنَ أن الرواياتِ الكثيرةَ الثابتةَ عنِ ابنِ عمرَ وعائشةَ توافِقُ ما نقلَه سائرُ الصحابةِ؛ أنه كان متمتعًا التمتعَ العامَّ.

ومَن قال: إنه أحرَمَ مطلقًا؛ احتَج بحديثٍ مُرسَلٍ (٣)، فلا يُعارِضُ هذه الأحاديثَ الثابتةَ.

فقد تبيَّنَ أن مَن قال: أفرَدَ الحجَّ، وأرادَ أنه اعتَمرَ بعدَ حجِّه - كما


(١) رواه البخاري (١٥٦٦)، ومسلم (١٢٢٩).
(٢) رواه البخاري (١٦٩١ - ١٦٩٢)، ومسلم (١٢٢٧ - ١٢٢٨).
(٣) لعله يشير إلى ما رواه الشافعي في الأم (١/ ١١١)، عن طاوس أن قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يسمي حجًّا ولا عمرة، ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة).

<<  <  ج: ص:  >  >>