للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخِرِ الآياتِ الثلاثِ، وقولِه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه … } إلى آخِرِ الوصايا، {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عندَ كل مسجد}، {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق}.

فالدعوةُ إلى اللهِ تتضمَّنُ الأمرَ بكلِّ ما أمرَ اللهُ بهِ، والنهيَ عن كلِّ ما نهى عنه، وهذا هو الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ؛ بكلِّ معروفٍ وعن كلِّ منكرٍ، فكلُّ ما أحبَّه اللهُ ورسولهُ من واجبٍ ومستحبٍّ من باطنٍ وظاهرٍ؛ فالدعوةُ إلى اللهِ الأمرُ بهِ، وكلُّ ما أبغضهُ اللهُ ورسولُه من باطنٍ وظاهرٍ؛ فمنِ الدعوةِ إلى اللهِ النهيُ عنه، لا تتمُّ الدعوةُ إلى اللهِ إلا بذلك؛ سواءٌ كان من الأقوالِ الباطنةِ أو الظاهرةِ، أو من الأعمالِ الباطنةِ أو الظاهرةِ؛ كالتصديقِ بما أخبَرَ به الرسولُ من أسمائِه وصفاتهِ، والمعادِ، وما أخبَرَ به عن سائرِ المخلوقاتِ؛ كالعرشِ، والكرسيِّ، والملائكةِ، والأنبياءِ، وأُمَمِهم، وأعدائِهم، وكإخلاصِ الدينِ له، وأن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إلينا مما سِواهما، وكالتوَكُّلِ عليه، والرجاءِ لرحمِته، وخشيته، والصبرِ لحكمِه، وأمثالِ ذلك، وكصدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، ووفاءِ العهدِ، وصِلَةِ الأرحامِ، وحُسْنِ الجوارِ، وكالجهادِ في سبيلِهِ بالقلبِ والبدنِ واللسانِ.

إذا تبيَّنَ ذلك: فالدعوةُ إلى اللهِ واجبةٌ على مَن اتَّبَعَهُ، وهم أُمَّتُه؛ يدعونَ إلى اللهِ كما دعا إلى اللهِ، ويتناولُ الأمرَ بكلِّ معروفٍ، والنهيَ عن كلِّ مُنكَرٍ؛ كما وصَفَهم تعالى بذلكَ فقالَ: {كنتم خير أمة أخرجت

<<  <  ج: ص:  >  >>