للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرطُ الثالثُ في الصوفيِّ: قناعَتُه بالكَفافِ من الرزقِ؛ بحيثُ لا يُمسِكُ من الدنيا ما يفضُلُ عن حاجتِه، فمَن كان جامعًا لفضولِ المالِ؛ لم يكُنْ من الصوفيةِ الذينَ يُقصَدُ إجراءُ الأرزاقِ عليهم، وإن كان قد يُفسَحُ لهم في مجرَّدِ السكنى في الرُّبَطِ ونحوِها.

ومَن جمَعَ هذه الثلاثَ؛ كان من المقصودِين بالربطِ والوقفِ عليه.

وما فوق هؤلاءِ من أربابِ المقاماتِ العَلِيَّةِ والأحوالِ الزكيةِ؛ فيدخُلونَ في العمومِ؛ لكن لا يختَصُّ الوقفُ بهم؛ لقِلَّتِهم، ولعُسْرِ تمييزِ الأحوالِ الباطنةِ على غالبِ الخلق، فلا يمكن ربطُ استحقاقِ الدنيا بذلك.

وما دونَ هذه الصفاتِ من المقتصرينَ على مجرَّدِ رسمٍ في لِبْسةٍ أو مِشيةٍ؛ لا يستحِقُّونَ الوقفَ، ولا يدخُلونَ في مُسمَّى الصوفيةِ؛ لا سيَّما إن كان ذلك الرسمُ مُحدَثًا، فإنَّ بذلَ المالِ على مثلِ هذه الرسومِ فيه نوعٌ من التلاعبِ بالدينِ، وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، وصَدٍّ عن سبيلِ اللهِ.

ومَن كان من الصوفيةِ المذكورينَ فيه قدرٌ زائدٌ؛ مثلُ: اجتهادٍ في نوافلِ العباداتِ، أو سعيٍ في تصحيحِ أحوالِ القلبِ، أو علمِ الكفايةِ؛ فهو أَوْلَى من غيرِه.

ومَن لم يكُنْ متأدِّبًا بالآدابِ الشرعيةِ؛ فلا يستحِقُّ شيئًا البتةَ.

وطالبُ العلمِ الصِّدِّيقِ الذي ليس له كفايةٌ؛ أَوْلى ممن ليس فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>