للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذانِ النوعانِ تجوزُ فيهما الغِيبةُ بلا نزاعٍ بينَ العلماءِ:

أحدُهما: أن يكونَ الرجلُ مظهرًا للفجورِ؛ مثلُ: الظلمِ، والفواحشِ، والبِدَعِ المخالفةِ للسُّنَّةِ، فإذا أظهر المُنكَرَ؛ وجَب الإنكارُ عليه بحسَبِ القدرةِ، ويُهجَرُ، ويُذكَرُ ما فعَلَه، ويُذَمُّ على ذلك، ولا يُرَدُّ عليه السلامُ إذا أمكنَ من غيرِ مفسدةٍ راجحةٍ، وينبغي لأهلِ الخيرِ أن يَهْجروه ميتاً كما يهجروه حيًّا إذا كان في ذلك كَفٌّ لأمثالِه، فلا يشيِّعوا جِنازَتَه، وكلُّ من علِم حاله ولم يُنكِرْ عليه؛ فهو عاصٍ للهِ ورسولِه، فهذا معنى قولِهم: «مَن ألقى جِلبابَ الحياءِ فلا غِيبةَ له»، بخلافِ مَن كان مستترًا بذنبِه، مستخفيًا فإن هذا يُستَرُ عليه؛ لكن يُنصَحُ سرًّا، ويهجُرُه من عرَف حالَه؛ حتى يتوبَ، ويذكرُ أمرَه على وجهِ النصيحةِ.

النوعُ الثاني: أن يُستشارَ الرجلُ في مُناكحَتِه، ومعاملتِه، أو استشهادِه، ويعلمُ أنه لا يصلُحُ لذلك، فينصَحُ مُستشيرَه ببيانِ حالِه، فهو كما قال الحسنُ: «اذكروه يحذَرْه الناسُ»؛ فإن النصحَ في الدينِ أعظم من النصحِ في الدنيا.

وإذا كان الرجلُ يتركُ الصَّلاةَ، ويرتكِبُ المُنكَراتِ، وقد عاشَرَه مَن يُخافُ أن يُفسِدَ دينَه؛ يُبيَّن أمرُه له؛ ليتقِيَ معاشرته.

وإذا كان مبتدعاً يدعو الناسَ إلى عقائدَ تخالفُ الكتابَ والسنةَ، أو يسلكُ طريقاً يخالفُ ذلك، ويخاف أن يضلَّ الناسُ بذلك؛ بُيِّن أمرُه للناس؛ ليتقوا ضلالَه، ويعلموا حالَه.

وهذا كلُّه يجبُ أن يكونَ على وجهِ النصحِ وابتغاءِ وجهِ اللهِ، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>