للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يختصُّ بمعرفتِه أهلُ العلمِ فنقولُ: كلُّ طائفةٍ خرجَتْ عن شريعةٍ من شرائعِ الإسلامِ الظاهرةِ المتواترةِ؛ وجبَ قتالُها باتفاقِ أئمةِ المسلمين، وإن تكلَّمتْ بالشهادتين، فيجبُ القتالُ حتى يكونَ الدِّينُ كلُه لله.

وأمَّا الأصلُ الآخرُ - وهو معرفةُ أحوالهم -؛ فقد عُلِمَ أنَّ هؤلاءِ القومَ جاروا على الشامِ في المرةِ الأولى عام تسعةٍ وتسعينَ، وأعطَوُا الناسَ الأمانَ، وقرءوه على المنبرِ بدِمَشْقَ، ومع هذا فقد سَبَوا من ذَرارِيِّ المسلمِينَ ما يقالُ: إنه مائةُ ألفٍ، أو يزيدُ عليه، وفعلوا ببيتِ المقدسِ، وجبلِ الصالحيةِ، ونابلسَ، وحِمْصَ، وداريا، وغيرِ ذلك؛ من القتلِ والسَّبْيِ ما لا يعلمُه إلا اللهُ، وفجَروا بخيارِ نساءِ المسلمِينَ في المساجدِ؛ كالأقصى وغيرِه، وجعلوا جامعَ العقيبةِ دَكًّا.

وقد شاهَدْنا عسكرَ القومِ وجَدْناهم جمهورَهم لا يصلُّونَ، ولم نَرَ مؤذنًا ولا إمامًا، ولم يكُنْ معهم إلا من كان من شرِّ الخلقِ، إما زِنْديقٌ منافقٌ، لا يعتقدُ دينَ الإسلامِ في الباطنِ، وإما مَن هو مِن شرِّ أهلِ البِدَعِ؛ كالرافضةِ، والجَهْميَّةِ، والاتحاديةِ، ونحوِهم، وإما مَن هو مِن أفجرِ الناسِ وأفسقِهم، وهم لا يحُجُّونَ البيتَ العتيقَ معَ تمكُّنِهم، وإن كان فيهم من يصلِّي ويصومُ، فليس الغالبُ عليهم إقامةَ الصَّلاةِ، ولا إيتاءَ الزكاةِ، ويقاتلونَ على ملكِ جَنْكِسْخان (١)، فمن دخل في طاعةِ ياساقِه (٢) جعلوه وليًّا لهم وإن كانَ كافرًا، ومَن خرج عنه جعلوه عدوًّا


(١) هكذا كتبت في الأصل.
(٢) قال في تاج العروس ٢٧/ ٢٩: (يسق بحذف الألف … وهي كلمة تركية يعبر بها عن وضع قانون المعاملة … وقرأت في كتاب الخطط للمقريزي: أن جنكيزخان القائم بدولة التتر في بلاد المشرق لما غلب على الملك قرر قواعد وعقوبات أثبتها بكتاب سماه "ياسا" وهو الذي يسمى "يسق"، ولما تم وضعه كتب ذلك نقشًا في صفائح الفولاذ، وجعله شريعة لقومه، فالتزموه بعده).
قال في فتح المجيد ص ٣٩٦: (وهو عبارة عن كتاب أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره وهواه).

<<  <  ج: ص:  >  >>