للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلومٌ أن مُسَيْلِمةَ الكذَّابَ كان أقلَّ ضررًا من هذا الكافرِ الذي ادَّعَوا أنه شريكُ محمدٍ في الرسالةِ، فاستحلَّ الصحابةُ قتالَه، فكيفَ بمن كان فيما يُظهِرُه من الإسلامِ بجعلِه محمدًا كجَنْكِسخان، وهم يُعظِّمونَ الكفارَ الذينَ يتبعونَ جَنْكِسخان على المسلمِينَ المتبعينَ للقرآنِ؛ بل جَنْكِسخانَ أعظمُ من فرعونَ وهامانَ ضررًا، فإنه علا في الأرضِ، وجعل أهلَها شِيَعًا، وأهلكَ الحَرْثَ والنسلَ، يَرُدُّ الناس عن ملكِ الأنبياءِ إلى ما ابتدَعَه من جاهليتِه وشريعتِه الكفريةِ، ولو قلتُ ما رأيتُ منهم وسمعتُ؛ لَمَا وسِعَه هذا المكانُ.

ومعلومٌ من دينِ الإسلامِ أن من جوَّزَ اتباعَ شريعةٍ غيرِ الإسلامِ؛ فإنه كافرٌ.

وبالجملةِ: فما من نفاقٍ وزَنْدقةٍ إلا وهي داخلةٌ في أتباعِ التتارِ؛ لأنهم من أجهلِ الخلقِ، وأقَلِّهم معرفةً في الدينِ، وأعظمِ الخلقِ اتباعًا للظنِّ وما تهوى الأنفُسُ، وقد قسَّموا الناسَ أربعةَ أقسامٍ: يال، وباع، ودانِشْمند، وطَاطَ؛ أي: صديقِهم، وعدُوِّهم، والعالمِ، والعاميِّ؛ حتى صنَّف وزيرُهم كتابًا قال فيه: إن محمدًا رضِيَ بدينِ اليهودِ والنصارى، وأنه لا يُنكِرُ عليهم، واستدلَّ بقولِه: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد … } إلى آخِرِ السورةِ، وزعَم الخبيثُ أن هذا يقتضي أنه رضِيَ دينَهم، قال: وهذه الآيةُ مكيةٌ، ليست منسوخةً، وهذا من جهلِه، فإن قولَه: {لكم دينكم} إنما يدلُّ على أنه تبَرَّأَ من دينِهم، لا أنه رضِيَه، كما قال: {فإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملك}، وشرحُ حالِهم يطولُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>