للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعادتُها؟ فيه نزاعٌ لأحمدَ والشافعيِّ ومالكٍ وغيرِهم.

وأما إذا كانت الكنيسةُ في مكانٍ قد صار فيه مسجدٌ للمسلمِينَ يُصلَّى فيه، وهي أرضُ عَنْوةٍ؛ كأرضِ مصرَ؛ فهذه يجبُ هَدْمُها؛ لما رُوِي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تجتمعُ قِبْلتانِ بأرضٍ، ولا جِزْيةَ على مسلمٍ» رواه أبو داودَ (١)، ولهذا أقرَّهم المسلمونَ في أولِ الفتحِ على ما بأيديهم من الكنائسِ العَنْوة؛ بأرضِ مصرَ والشامِ وغيرِها، فلما كثُر المسلمونَ، وبُنِيتِ المساجدُ في تلك الأرضِ؛ أخذ المسلمونَ تلك الكنائسَ فأقطعوها، أو بنَوْها مساجدَ، أو غيرَ ذلك؛ لأن الكنائسَ العَنْوةَ ملكُ المسلمِينَ، فأقروا ما لم يكُنْ فيه ضرَرٌ على المسلمِينَ كما أقرَّهم بخَيْبَرَ، ثم أمر بإجلائِهم، فأجلاهم عمرُ لما كثُر المسلمونَ، واستَغْنَوا عنهم، وصار عليهم منهم ضرَرٌ (٢)، وقال عمرُ وغيرُه من السَّلَفِ: «لا يجتمعُ بيتُ رحمةٍ وبيتُ عذابٍ» (٣)؛ أي: المساجدُ بيوتُ الرحمةِ، والكنيسةُ بيتُ العذابِ، وقد هدَم المسلمونَ بأرضِ الشامِ والعراقِ وغيرِها من


(١) رواه أبو داود (٣٠٣٢)، دون قوله: «ولا جزية على مسلم»، ورواه بتمامه الإمام أحمد (١٩٤٩)، والترمذي (٦٣٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
(٢) رواه البخاري (٢٣٣٨)، ومسلم (١٥٥١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) لم نقف عليه من قول عمر، وقد جاء عند أبي عبيد في الأموال (٢٦٣)، عن طاوس أنه قال: «لا ينبغي لبيت رحمة أن يكون عند بيت عذاب»، قال أبو عبيد: أراه يعني الكنائس والبيع وبيوت النيران، يقول: لا ينبغي أن تكون مع المساجد في أمصار المسلمين. قال أبو عبيد: فهذا ما جاء في الكنائس والبيع وبيوت النار، وكذلك الخمر والخنازير، قد جاء فيهما النهي عن عمر. ثم سرد أبو عبيد الآثار عن عمر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>