للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل ليس لأحدٍ من المسلمِينَ أن يخُصَّ مواسِمَهم بشيءٍ مما يخُصُّونَها به، فليس للمسلمِ أن يخصَّ خميسَهم الحقيرَ لا بتجديدِ طعامٍ؛ كالرزِّ، والعَدَسِ، والبيضِ المصبوغِ، وغيرِ ذلك، ولا بتجمُّلٍ بالثيابِ، ولا بصبغِ دوابَّ، ولا بنشرِ ثيابٍ، ولا غيرِ ذلك، ومن فعل ذلك على وجهِ التبركِ به واعتقادِ التبررِ به؛ فإنه يُعرَّفُ دينَ الإسلامِ، وأن هذا ليس منه؛ ويُسْتتابُ منه، فإن تابَ وإلا قُتِل.

وليس لأحدٍ أن يجيبَ دعوةَ مسلمٍ يحدِّد في أعيادِهم مثلَ هذه الأطعمةِ، ولا يأكلَ من ذلك؛ بل لو ذبحوا هم في أعيادِهم شيئًا لأنفُسِهم؛ ففي جوازِ أكلِ المسلمِ لذلك نزاعٌ بينَ العلماءِ؛ لكونِهم على وجهِ القربات، فصار من جنسِ ما ذُبِح على النُّصُبِ وما أُهِلَّ به لغيرِ اللهِ.

وأما ذبحُ المسلمِ لنفْسِه في أعيادِهم على وجهِ القربات؛ فكفرٌ بَيِّنٌ؛ كالذبحِ للنُّصُبِ، ولا يجوزُ الأكلُ من هذه الذبيحةِ بلا رَيْبٍ، ولو لم يقصِدِ التقربَ بذلك؛ بل فعَله لأنه اعتاده، أو لتفريحِ أهلِه؛ يحرُمُ عليه ذلك، واستحقَّ العقوبةَ البليغةَ إن عاد إلى مثلِ ذلك؛ لقولِه: «ليس منَّا مَن تشَبَّه بغيرِنا» (١)، و: «مَن تشَبَّه بقومٍ فهو منهم» (٢)، وبسَطْنا ذلك في كتابٍ كامل، وذكَرْنا دلائلَ ذلك كلَّها، وسأل رجلٌ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نذرتُ أن أذبحَ بمكان سمَّاه، فهل أُوفِ بنذري؟ فقال: «إن


(١) رواه الترمذي (٢٦٩٥)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) رواه أحمد (٥١١٤)، وأبو داود (٤٠٣١)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>