للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي حنيفةَ، وأحمدَ، ونصَّ الشافعيُّ على تحريمِ النَّرْدِ بلا عِوَضٍ، وتوقَّفَ في الشِّطْرَنْجِ.

ومنهم من أباح النَّرْدَ الخالي عن العوضِ؛ لما ظنوا أن اللهَ حرَّم الميسرَ لأجلِ ما فيه من المخاطرةِ المتضمنةِ أكلَ المالِ بالباطلِ، فقالوا: إذا لم يكُنْ فيه أكلُ مالٍ؛ زال سببُ التحريمِ.

وأما الجمهورُ فقالوا: إن تحريمَ الميسرِ مثلُ تحريمِ الخمرِ؛ لاشتمالِه على الصدِّ عن ذكرِ اللهِ، وعن الصَّلاةِ، وإلقاء العداوةَ والبغضاءَ، ومنعِه عن الصلاحِ الذي يحبُّه اللهُ ورسولُه، وإيقاعِه في الفسادِ الذي يبغِضُه اللهُ ورسولُه، واللعبُ بذلك يلهي القلبَ ويشغَلُه، ويُغيِّبُ عن مصالحِه أكثرَ مما (١) يفعلُ الخمرُ، ففيها ما في الخمرِ ويبقى صاحبُها عاكفًا كعكوف شاربِ الخمرِ على خمرِه وأشدَّ، وكلاهما مُشبَّهٌ بالعكوفِ على الأصنامِ، كما في «المسنَدِ» أنه قال: «شاربُ الخمرِ كعابدِ وَثَن» (٢)، وثبَتَ عن أميرِ المؤمنينَ علي رضي الله عنه (٣) أنه مر بقومٍ يلعبونَ بالشِّطْرَنْجَ، فقال: «ما هذه الأصنام التي أنتم لها عاكفون؟!» وقلب الرقعةَ (٤).

وإذا كان ثَمَّ مالٌ تضمَّنَ أيضًا أكلَ المالِ بالباطلِ، فيكونُ حرامًا من


(١) في الأصل: ما. والمثبت من (ع) و (ز).
(٢) رواه أحمد (٢٤٥٣)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) قوله: (علي رضي الله عنه) سقط من الأصل، وهو مثبت في (ع) و (ز).
(٤) سبق تخريجه … ظظ

<<  <  ج: ص:  >  >>