وأيضًا، ما ذكَره اللهُ سُبْحانَه في الممتحَنةِ؛ حيثُ قال:{يا أيها الذينَ آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن .. } إلى قولِه: {وآتوهم ما أنفقوا … } إلى قولِه: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا}، نزلَتْ باتِّفاقِ العلماء في قضيةِ الصلحِ الذي كان بينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبينَ أهلِ مكةَ؛ صلحِ الحُدَيْبيةِ؛ لما شُرِط عليهم أن يردوا مَن جاءهم مسلمًا، وألا يردوا عليه مَن ذهب مرتدًّا، فهاجر نسوةٌ كأمِّ كُلْثومٍ بنتِ عُقْبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ، فنسَخ اللهُ الردَّ في النساءِ، وأمَر بردِّ المهرِ عِوَضًا عن ردِّ المرأةِ (١)، فذلك قولُه:{وآتوهم ما أنفقوا}، فأمَر أن يُؤتَى الكفارُ ما أنفقوا على المرأةِ الممتحَنةِ التي لا تُرَدُّ، والذي أنفقوه هو المهر المسمَّى:{واسألوا ما أنفقتم}، فشرَع للمؤمنينَ أن يسألوا الكفارَ ما أنفقوا على النسوةِ اللاتي ارتدَدْنَ إليهم، وأن يسألَ الكفارُ ما أنفقوا على النساءِ المهاجراتِ، فلما حكَم سُبْحانَه وتعالى بذلك؛ دلَّ على أن خروجَ البُضْعِ متقوِّمٌ، وأنه بمهرِ المسمَّى، ودلت الآيةُ على أن المرأةَ إذا أفسَدتْ نكاحَها رجع عليها بالمهرِ.
فإذا حلَف عليها فخالفَتْه، وفعلَتِ المحلوفَ عليه: كانت عاصيةً ظالمةً مُتلِفةً للبُضْعِ عليه، فيجبُ عليها ضمانُه، إما بالمسمَّى على أصحِّ قولَيِ العُلماءِ، وإما بمهرِ المثلِ.
يؤيدُ ذلك: ما كان من امرأةِ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ حيث بغَضَتْه، وقالت: