للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمَع المسلمونَ على أن موسى أفضلُ من الخَضِرِ، فمن قال: إن الخَضِرَ أفضلُ؛ فقد كفَر، وسواءٌ قيلَ: إن الخَضِرَ نبِيٌّ، أو ولِيٌّ، والجمهورُ على أنه ليس بنبِيٍّ؛ بل أنبياءُ بني إسرائيلَ الذينَ اتبعوا النور، وذكَرهم اللهُ؛ كداودَ وسليمانَ، أفضَلُ من الخَضِرِ؛ بل على قولِ الجمهورِ أنه ليس بنبِيٍّ، فأبو بكرٍ وعمرُ رضي الله عنهما أفضلُ منه، وكونُه يعلمُ مسائلَ لا يعلمُها موسى؛ لا يوجبُ أن يكونَ أفضلَ منه مطلقًا، كما أن الهدهدَ لما قال: {أحطت بما لم تحط به}؛ لم يكُنْ أفضلَ من سليمانَ، وكما أن الذينَ كانوا يُلقِّحونَ النخلَ لَمَّا كانوا أعلمَ بالفلاحة من الأنبياء؛ لم يجبْ ذلك أن يكونوا أفضلَ من النبي، وقد قال لهم: «أنتم أعلمُ بأمورِ دُنْياكم، وأما ما كان من أمرِ دينِكم فإليَّ» (١).

وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ كانوا يتعلمونَ ممن هو دونَهم عِلْمَ الدينِ الذي ليس هو عندَهم، وقال: «لم يَبْقَ بعدي من النبوةِ إلا الرؤيا الصالحةُ» (٢)، ومعلومٌ أن ورثتَه (٣) في العلمِ أفضلُ ممن حصَلتْ (٤) الرؤيا الصالحةُ، وغايةُ الخَضِرِ أن يكونَ عندَه من الكشفِ ما هو جزءٌ من أجزاءِ النبوةِ، فكيفَ يكونُ أفضلَ من نبِيٍّ؟! فكيفَ بالرسولِ، فكيفَ بأولي العزمِ؟!


(١) رواه مسلم (٢٣٦٢)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٦٩٩٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه مسلم (٤٧٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) في (ك) و (ز): ذريته.
(٤) هكذا في النسخ الخطية، وفي هامش (ع): (لعله: عنده).

<<  <  ج: ص:  >  >>