للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِن العُلَماءِ مَن جمَع بينَ قولِ عائشةَ وابنِ عبَّاسٍ، ومنهم من جعَلَها مسألةَ نزاعٍ.

ولم يثبتْ بسندٍ صحيحٍ عن أحدٍ من الصحابةِ أنه قال: «رآه بعَيْن رأسِه»؛ بل يقولُ: «رآه بفؤادِه»، أو: «رآه»، ويُطلِقُ، وكذلك عن أحمدَ؛ ولكن طائفةً من أصحابِه نقَلوا عنه إثباتَ رؤيةِ العينِ ونصروها، كما حكى ذلك طائفةٌ عن ابنِ عبَّاسٍ، وكلاهما لم يثبتْ عنهما نقلٌ صحيحٌ صريحٌ؛ لكن بألفاظٍ مطلقةٍ.

وقد اتَّفقَ المسلمونَ على أن غيرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يَرَ اللهَ في الدنيا، كما اتفقوا على أنه يُرَى في الآخرةِ بالأبصارِ، وإن كان من أهلِ البِدَعِ مَن يُنازِعُ في هاتينِ المسألتينِ؛ لكنَّ السَّلَفَ متفقونَ على ذلك.

والحديثُ المذكورُ عن عبدِ الرحمنِ باطلٌ، رواه أبو نُعَيمٍ (١) من طريقِ رجلٍ اتَّفقَ أهلُ العلمِ على ردِّ أخبارِه (٢)؛ بل هو مخالفٌ للنصوصِ وإجماعِ السَّلَفِ والأئمَّةِ، فإنه من أهلِ الشُّورَى الذينَ هم أفضلُ الأمةِ بعدَ أبي بكرٍ وعمرَ، وعثمانُ وعليٌّ وعبدُ الرحمنِ والزبيرُ


(١) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٩٨).
(٢) وهو عمارة بن زاذان، ولعله يريد فيما يرويه عن ثابت عن أنس رضي الله عنه، قال أحمد: (يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير)، وأما في غير ما يرويه عن ثابت عن أنس فمختلف فيه، قال فيه أحمد في رواية عبد الله: (شيخ ثقة لا بأس به)، وضعفه آخرون. ينظر: الجرح والتعديل ٦/ ٣٦٥، تهذيب التهذيب ٧/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>