للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجري مَجْرى الدمِ» (١)، وغيرُ ذلك يُصدِّقُه.

وأما معالجةُ المصروعِ بالرُّقَى والتعوذِ حتى يبرأَ؛ فهذا على وجهَينِ:

فإن كانت الرُّقَى مما يُعرَفُ معناها، وهو مما يجوزُ في دينِ الإسلامِ أن يتكلمَ الرجلُ بها داعيًا للهِ، أو ذاكرًا له، ومخاطبًا لخلقِه، ونحوُه؛ فإنه يجوزُ أن يُرقَى بها؛ لأنه أذِنَ في الرُّقَى ما لم تكُنْ شركًا؛ ثبَتَ ذلك في الصحيحِ (٢)، وقال: «مَن استطاعَ أن ينفعَ أخاه فلْيفعَلْ» (٣).

وإن كان في ذلك كلماتٌ محرمةٌ؛ مثلُ شركٍ، أو كانت كلمات مجهولة المعنى، يَحتمِلُ أن يكونَ فيها ما هو كفرٌ؛ فليس لأحدٍ أن يرقيَ بها، ولا يعزمَ، ولا يقسمَ، وإن كان قد ينصرفُ عن المصروعِ بها؛ فإنَّ ما حرَّمَه اللهُ ضررُه أكثرُ من نفعِه؛ كالسيمياءِ وغيرِها من أنواعِ السحرِ، فإن الساحرَ السيماويَّ، وإن كان يَنالُ بذلك بعضَ أغراضِه؛ فهو كما ينالُ بالزنى بعضَ أغراضِه، فليس للعبدِ أن يدفعَ كلَّ ضررٍ بما شاءَ، ولا يجلبَ كلَّ منفعةٍ بما شاء؛ بل لا بدَّ من تقوى اللهِ.

فمن كذَّبَ بما هو موجودٌ من الجنِّ والشياطينِ والسِّحْرِ، وما [يأتون به] (٤) على اختلافِ أنواعِه؛ كدعاءِ الكواكبِ، وتمريخِ (٥) القوى الفعالةِ


(١) رواه البخاري (٢٠٣٨)، ومسلم (٢١٧٥)، من حديث صفية رضي الله عنها.
(٢) رواه مسلم (٢٢٠٠)، من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.
(٣) رواه مسلم (٢١٩٩)، من حديث جابر رضي الله عنه.
(٤) في الأصل و (ز): وما بين أنه. وفي (ك) و (ع): وما بين الله. والمثبت من مجموع الفتاوى.
(٥) هكذا في النسخ الخطية، وفي مجموع الفتاوى: (وتخريج).

<<  <  ج: ص:  >  >>