كان سيدنا مالك بن دينار يقول: لو أن لي أعواناً لفرقتهم في منارات الدنيا يصيحون بالناس: النار، النار! علهم يفيقون من غفلتهم.
ويقول: والله لقد هممت أن آمر إذا أنا مت أن يطرحوني على مزبلة، وأن يضعوا الرماد على وجهي، ويقال: هذا جزاء من عصى الله.
فمن رآني لم يعص ربه.
وهذا خوف الصادقين.
وانظر إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان ربما بكى في الصلاة حتى يسمع لصوت صدره أزيز كأزيز المرجل، وكان إذا تغير الجو دخل وخرج، وعرف ذلك في وجهه، فتقول له السيدة عائشة: إن الناس إذا رأوا المطر استبشروا، فقال:(وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب من الله عز وجل؟).
يقول سيدنا أنس بن مالك: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، وإن كنا لنعدها على عهد رسول الله من الموبقات.
أي: من المهلكات.
وروي أن أحد العباد كان بمكانٍ فغشي عليه، فلما أفاق سألوه: فقال: هذا مكان عصيت الله فيه يوماً من الأيام.
وسيدنا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يقول المولى عز وجل فيه:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}[هود:٧٥] كان إذا ذكر ذنبه تأوه، كما كان يفعل سيدنا داود، يقول: أواه من عذاب الله، قبل أن لا تنفع أواه.
ويقول: يا رب! إني لا أستطيع حر شمسك، فكيف أستطيع حر نارك؟! يا رب! إني لا أستطيع سماع صوت رحمتك وهو الرعد، فكيف أستطيع سماع صوت غضبك؟! فيا عباد الله! ابكوا قبل أن لا ينفع البكاء، وقبل أن تكون الدموع دماً، وقبل أن يؤمر بنا ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(مررت ليلة أسري بي بجبريل كالحلس البالي من خشية الله).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل:(ما لي لم أر ميكائيل ضاحكاً؟! فقال: لم يضحك ميكائيل منذ خلقت النار).