والصبر يحمد في كل المواطن إلا في لون واحد فقط وهو الصبر عن الله فهو صبر اللئام.
أما كيف يصبر العبد عن الله فذلك أن يرى العبد أن ما بينه وبين الله عز وجل خراب ودمار ولا يصلح ما بينه وبين مولاه.
والصبر يحمد في المواطن كلها إلا عليك فإنه لا يحمد كيف تصبر عن الله عز وجل وملاك الخير كله منه، وأمرك كله بيده، ورجوعك كله إليه، وكل فضل أعطيته فهو منه، ولذا كان هذا صبر اللئام من الكفار والفجار وغيرهم، فمع أن الله يحلم عليهم إلا أنهم يسبونه ويشتمونه ويدعون له الولد.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنياً على ربه عز وجل:(ما أحد أصبر على الأذى من الله عز وجل)، يعني: يصبر على أذاهم مع كمال القدرة ومع كمال العلم، فهو يعافيهم ويرزقهم وهم يدعون له الولد {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ}[مريم:٩٠] من هول هذا الكلام، {وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}[مريم:٩٠ - ٩١].
فالسموات والأرض تكاد أن تزول من هذا لولا إمساك الله عز وجل لها، فلا أحد أصبر من الله عز وجل، ملك الملوك ومع أن جوده عم المخلوقات إلا أن هؤلاء يسبونه وينسبون إليه ما لا يليق به من الصاحبة والشريك والولد فخيره إلى العباد نازل وشرهم إليه صاعد.
ولذلك كان الصبور من أسماء الله عز وجل الحسنى، قالوا: وجانب الحلم عن الله عز وجل أوسع وأتم، كما قال الإمام ابن القيم: صبر لله وصبر بالله وصبر مع الله.