للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موجبات الرحمة]

أما موجبات الرحمة: من ذلك رحمة الناس يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن:١٤]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارحموا من في الأرض)، وقال الله تبارك وتعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية:١٤]، ولقد قال الله تبارك وتعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:٤٠]، حتى رحمة الخلائق كلها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من إمام أو والٍ يوليه الله تبارك وتعالى إمارة فيغلق بابه دون ذوي الخلة والحاجة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته ومسكنته وفقره يوم القيامة).

ومن موجبات الرحمة: ذكر الله تبارك وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده).

تضيق بنا الدنيا إذا غبتم عنا وتزهق بالأشواق أرواحنا منا بعادكم موت وقربكم حيا ولو غبتم عنا ولو نفساً متنا نعيش بذكراكم ونحيا بقربكم ألا إن تذكار الأحبة ينعشنا ومن موجبات الرحمة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله عز وجل: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة:٧١]، وانظر إلى الرجل العظيم الصالح الذي كان سبباً في نصرة الجيش الإسلامي المصري على جنود الصليبين عز الدين بن عبد السلام، لما تحالف سلطان دمشق مع الفرنجة وأجاز بيع السلاح لهم، وقف هذا العالم على منبره وحرم بيع السلاح لهم، وقطع خطبته الحاكم، ومنعوه من الخطابة، ثم أرادوا أن يساوموه على دينه، فيرسل السلطان وزيره آملاً أن يستجيب عز الدين بن عبد السلام قال: إن سلطاننا يرضى منك أن تقبل يده على الملأ، فتعجب عز الدين بن عبد السلام وقال: يا سبحان الله! أنتم في واد وأنا في واد آخر، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به، والله! ما أرضى لسلطانكم أن يقبل يدي فضلاً عن أن أقبل أنا يده.

ولما جاءت جيوش الفرنجة حبسه سلطان دمشق في خيمة بجواره، فتهدد عز الدين بن عبد السلام وهو يرفع صوته بالقرآن، فقال سلطان دمشق لكبير ملوك الفرنجة: أترون هذا الرجل الذي تسمعون قراءته للقرآن، هذا أكبر قسيسي المسلمين أفتى بحرمة بيع السلاح لكم فكافأته بالسجن، فقال: والله! لو كان هذا القسيس عندنا لغسلنا رجليه ولشربنا مرقته.

ومن موجبات الرحمة: تعليم الناس الكتاب والسنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير) والصلاة من الله رحمة.

ومن موجبات الرحمة: السحور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته ليصلون على المتسحرين) لما فيه من مخالفة لأهل الكتاب من النصارى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).

ومن موجبات الرحمة: مسارعة الرجل للصلاة في الصف المقدم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم).

أيضاً من موجبات الرحمة: عيادة المرضى، فإن الرجل إذا زاد أخاً مريضاً له صلى عليه سبعون ألف ملك واستغفر له سبعون ألف ملك حتى يمسي.

ومن موجبات الرحمة: رحمة البهائم، ورحمة البنات والإحسان إليهن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين كنت أنا وهو كهاتين).

ومن موجبات الرحمة أيضاً: العطف على اليتيم، والجهاد في سبيل الله عز وجل، والهجرة، والاستماع للقرآن الكريم، والاتباع والتقوى والصبر على المرض.