[عدد المدن التي انتزعها نور الدين من أيدي الصليبيين ودوره في توحيد المسلمين]
نور الدين محمود زنكي هذا البطل النحرير انتزع نيفاً وخمسين مدينة من أيدي الصليبيين قبل موته كما قال الإمام ابن الجوزي، وكان هذا السلطان المجدد يأكل من عمل يده فكان يصنع ما يسمى بالكوفيات أو ينسخ الكتب، أو يصنع الأقفال للأبواب ولا يأكل إلا من هذا، ونصيبه من الغنائم اشترى به ثلاثة دكاكين في حمص وكان ينفق على نفسه من ريع هذه الدكاكين، لدرجة أنه كان يمتنع تماماً عن طعام المملكة في شهر رمضان، وكان يبعث إلى شيخه الشيخ عمر الملا بالموصل يقول له: ائتني برقاق أعيش عليه طيلة الشهر، فكان يرسل إليه بالرقاق وهو كالعيش الجاف الناشف، ثم يظل يأكل منه طيلة الشهر، ووكّل أمر الموصل إلى شيخه عمر الملا وقال للساسة وللقضاة: لا بد أن تعودوا في كل مسألة إلى الشيخ عمر الملا لزهده ولعبادته.
هذا الرجل الذي أسقط المكوس والضرائب عن أرجاء مملكته، وكانت المكوس والضرائب قبل عصره ٥٨٦ ألف دينار ذهب فأسقطها تقرباً لله عز وجل.
ودعا من كان بجواره من ملوك الدول الإسلامية والإمارات الإسلامية إلى قتال الفرنجة فمنهم من أيده ومنهم من نكص عنه مثل صاحب حصن كيفا، ففي اليوم الثاني جهّز الجيوش وسار مع نور الدين محمود زنكي فقالوا له: لم؟ قال: إن نور الدين محمود زنكي يرسل إلى العلماء والصالحين والزهاد والعباد بأخبار غزوه للفرنج فإن لم أسر معهم دعا عليَّ هؤلاء ولعنوني في صلاتهم، فلا بد من المسير معهم.
في موقعة بانياس ذهبت عين أخيه نصر الدين فقال لأخيه مواسياً: والله! لو تعلم ما لك من الأجر عند الله عز وجل لفرحت بذهاب الثانية إذا ذهبت!