[الذين يؤتون أجرهم مرتين]
من الذين يضاعف لهم الله عز وجل الأجر فيعطيهم أجرهم مرتين؟ المولى عز وجل يضاعف الأجر كرماً منه وتفضلاً لبعض خلقه، فيعطيهم الأجر مرتين، ومن هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد صح عن ابن مسعود (أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يوعك وعكاً شديداً، فقال له: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكاً شديداً! قال: إني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم قال: ذلك أن لك أجرين؟! قال: نعم).
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه الله عز وجل أجره مرتين.
ومنهم أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن: يقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب:٣١].
كذلك مؤمن أهل الكتاب الذي آمن بنبيه ثم آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، يعطيه الله عز وجل أجره مرتين: يقول الله عز وجل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص:٥٢ - ٥٤].
ويقول علماء الضرار: إن النصارى يدخلون الجنة، فعلماء الوحدة الوطنية يقولون: إن النصارى ليسوا كفاراً، وسيدخلون الجنة؛ لأن هؤلاء مؤمنون برسولهم.
ويحاولوا أن يقرروا كلامهم هذا فيقولون: يقول الله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة:٨٢]، لكن الآية التي بعدها تبين أنهم آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالذين يعطيهم الله عز وجل أجراً ومغفرة رجل آمن بنبيه ثم آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، كـ عبد الله بن سلام آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت، فدخل فاحتبسه صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا معشر يهود! ماذا تقولون في عبد الله بن سلام؟ قالوا: حبرنا وابن حبرنا وخيرنا وابن خيرنا! وسيدنا وابن سيدنا! فلما خرج ودعاهم إلى الإسلام قالوا: سفيهنا وابن سفيهنا! وجاهلنا وابن جاهلنا!) فـ عبد الله بن سلام له أجران.
كذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران).
كذلك الحاكم المجتهد إذا أصاب الحق له أجران: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد).
كذلك المرأة التي تتصدق على زوجها وهي غنية، فتعطي زوجها ولا تعيره لفقره: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة على ذي قرابة يضاعف أجرها مرتين).
وأخرج الشيخان عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قالت: (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجارات من الأنصار حاجتها حاجتي فخرج علينا بلال فقلنا: له ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألان: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجرهما، فدخل بلال فسأله فقال صلى الله عليه وسلم: لها أجران؛ أجر القرابة، وأجر الصدقة)، فالحديث جاء يبين فضل الصدقة على الأقارب وأنها تضاعف.
كذلك ممن يؤتيهم الله عز وجل أجرهم مرتين: طالب العلم الذي يبلغه الله عز وجل أمنيته في العلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من طلب علماً فأدركه كتب الله له قسمين من الأجر، ومن طلب علم ولم يدركه كتب الله له قسماً من الأجر).
كذلك ممن يعطيهم الله عز وجل أجرهم مرتين: الذي يواظب على صلاة العصر: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم - يعني: العصر - فضيعوها، فمن حفظها اليوم فله أجرها مرتين).
كذلك المجاهد الذي يقتل نفسه خطأ له أجران، كما ثبت في حديث سلمة بن الأكوع قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر وكان سيف عامر بن الأكوع فيه قصر، فتناول به ساق يهودي فرجع ذباب السيف فأصاب ركبة عامر؛ فمات منها فقلت: يا رسول الله! زعموا أن عامراً قد حبط عمله فقال: كذاب من قال، إن له لأجرين).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للماشي في الجنازة قيراطان، وللراكب قيراط).
كذلك الصابرون يعطيهم الله عز وجل أجرهم مرتين، قال تعالى: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص:٥٤].
فاكظموا الغيظ، فالذي يكظم الغيظ حتى تأتي الفرصة فيعفو له الأجر مرتين، ومن كتم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه له أجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظه وهو قادر على أن ينفذه ملأ الله قلبه نوراً يوم القيامة)، صححه الألباني.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة فتوجه على رءوس الأشهاد وزوجه من الحور العين ما يشاء).
فاكتموا غيظكم، وحولوه إلى دعوة إلى الله، ولو أن كل أخ دعا عشرة إخوة وكل أخت دعت عشر أخوات إلى الله تبارك وتعالى، وصدقوا الله تبارك وتعالى في دعوة هؤلاء فإن الله يضاعف عدد الإخوة في مصر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.