[الجهاد في سبيل الله]
السبب الرابع عشر: الجهاد في سبيل الله، فإن العبد يذوق حلاوة الإيمان إذا جاهد في سبيل الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الحجرات:١٥]، والجهاد المراد هو الجهاد بكل أنواعه؛ جهاد الكلمة ضد الزنادقة والمارقين الذين يبغضون إلى الناس دينهم، ويزرعون الشكوك في أنفس العامة، وهذا جهاد الخاصة، قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:٧٣]، وجهاد المنافين لا يكون إلا بالكلمة، قال الله عز وجل: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:٥٢]، فجهاد الخواص هو الدعوة إلى الله عز وجل.
قال الإمام القرطبي: والدعاء إلى الإسلام أعلى مقامات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهنا ينبغي الحذر من الممارسات اللامسئولة التي يمارسها بعض المتحمسين باسم الجهاد والجهاد منها براء.
ويذكر عن شقيق البلخي أنه لما اصطف المسلمون مع أعدائهم للقتال قال لمن بجانبه: هذا اليوم مثل الليلة التي زفت إليك فيها امرأتك؟ قال: لا والله، هذا يوم تنزل فيه الروح، ثم قال له: أتجعل يوم بنائي على زوجتي مثل يوم الجهاد؟ قال: والله لهما سواء عندي، هذا اليوم مثل اليوم الذي زفت إلي فيه امرأتي.
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب ولنا أن نتساءل أين نحن من هؤلاء الرجال؟ أين نحن من يوم من أيامهم، إن ما نبذله للإسلام لا يقاس بحافر في خيل خالد، أو بذرة غبار على وجه ابن المبارك، ولا بيوم من أيام معاذ بن جبل، ولا بيوم من أيام أبي هريرة حافظ المؤمنين في الحديث، وقد كان ينادي في قبيلته دوس: أتفرون من الجنة؟ أتهربون من الحور العين؟! ولا بيوم من أيام أبي سفيان وهو يصيح في يوم اليرموك: يا نصر الله اقترب، أين نحن من نصر الله عز وجل، ولا بيوم من أيام عكرمة بن أبي جهل وهو يقول: من يبايع على الموت؟ فيقول له خالد: أبقنا لنفسك يا أبا عمرو، يقول: إليك عني يا خالد، لقد قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان، أفأفر اليوم عن الجنة؟! اللهم أكرمنا بالشهادة في سبيلك اللهم اهد حكام المسلمين، وارجعهم إلى دينك، اللهم ائذن لشريعتك أن تحكم الأرض وأن تسود.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
رب اجعلنا لك ذكارين، لك شكارين، إليك أواهين مخبتين منيبين.
وتقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، واسلل سخائم صدورنا، بك نستنصر فانصرنا، وعليك نتوكل فلا تكلنا، وإياك نسأل فلا تحرمنا، ولجنابك ننتسب فلا تبعدنا، وببابك نقف فلا تطردنا.
اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم ارحم موتى المسلمين.
اللهم عليك بالظالمين من الكافرين والملحدين، اللهم وارحم شهداء المسلمين في كل مكان، واحم أعراض نساء المسلمين في كل مكان، وارحم أطفال المسلمين في كل مكان، واحفظ دماء المسلمين في كل مكان، ووفر الأمن لبلاد المسلمين في كل مكان.
اللهم أقبل بشباب المسلمين على كتابك وعلى سنة نبيك، اللهم احشرنا مع نبينا غير خزايا ولا نادمين، ولا شاكين ولا مفتونين ولا مبدلين.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، ولا تشمت فينا أعداء حاسدين.
اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم إنك ملك الملوك تقدر ولا يقدر غيرك، وتملك ولا يملك غيرك، اللهم ارحمهم، اللهم احم أعراضهم، اللهم احفظ أموالهم، واحفظ أولادهم، واحفظ شيوخهم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله على محمد، وعلى آله الطاهرين.