كذلك الديك يدعو الناس إلى الصلاة، كما ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تسبوا الديك فإنه يدعو للصلاة) فهو لا يدعو إلى اللهو إنما يدعو للصلاة، فالذين يغلقون المساجد ألم يعلموا أن هذا الديك يدعو الناس للصلاة، وفي رواية:(فإنه يوقظ للصلاة).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله من فضله؛ لأنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله؛ لأنها ترى شيطاناً) وهذه من عبودية الديكة وسخره الله لإيقاظ الناس لصلاة الفجر أو للتهجد، تقول السيدة عائشة:(كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم إذا سمع الصارخ) وهو الديك.
قم بنا يا أخي لما نتمنى واطرد النوم بالعزيمة عنا قم فقد صاحت الديوك ونادت لا تكون الديوك أقرب منا كذلك الذئاب تعبد الله تبارك وتعالى كما في الحديث الصحيح:(أن ذئباً عدا على شاة فأخذها فطلبها الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه وقال: ألا تتقي الله تنتزع مني رزقاً ساقه الله لي؟ فقال الراعي: يا عجبي ذئب يتكلم بكلام الإنس، فقال له الذئب: ألا أخبرك بما هو أعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يحدث الناس بأخبار ما قد سبق، فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى وصل إلى المدينة فزواها في زاوية من زواياها ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقص عليه ما قص).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن ينادى: الصلاة جامعة، ثم أمر الراعي أن يقص عليهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:(صدق والذي نفسي بيده).
في هذا الحديث إشارة إلى أن الذئب يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ويقص على الناس أخبار من قد سبق من الأمم السابقة، ومعنى هذا أن الذئب يعلم أن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدرك نوعية الكلام ويخبر به الراعي، ويدرك أن هذه الشاة رزق ساقه الله تبارك وتعالى إليه.
نقول للذين لم يرتفعوا إلى مصاف الصالحين: كونوا كهذه الحيوانات التي تعبد الله تبارك تعالى؛ ولذا يقول الله تبارك وتعالى لهؤلاء الضالين:{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الفرقان:٤٤]؛ لأن الأنعام تدرك وتسبح الله تبارك وتعالى وتسجد له.