تلمح القوم الوجود وفهموا المقصود، فأجمعوا الرحيل قبل الرحيل، وصاحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى، أما تسمعون قول الصحابي الجليل أنس بن النضر يقول لـ سعد بن معاذ: والله يا سعد! إني لأشم رائحة الجنة من دون أحد.
وهذا شم حسي! يا ابن النظر طهرت أنوفكم فاشتاقت إلى ما عند الله عز وجل، ونحن زكمت أنوفنا بالدنيا وبعطر الكاسيات العاريات، فلم يبق فيها مكان لشم رائحة الجنة.
خذني إلى بيتي أرح خدي على عتباته وأبوس مقبض بابه خذني إلى وطن أموت مشرداً إن لم أكحل ناظري بترابه هؤلاء علت هممهم في كل شيء: في الدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة، وفي طلب العلوم الشرعية، وفي الذكر، وفي قراءة القرآن، وفي الصلاة، وفي الصدقات، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.