[بيان كون مكة أحب أرض الله إلى الله وأنه حرمها يوم خلق السماوات والأرض]
وهذه البلدة الطيبة أحب أرض الله إلى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أطيبكِ من بلدة وأحبك إلي، وإني لأعلم أنكِ أحب بلاد الله إلي وأكرمه على الله).
ومكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وما أحلت لنبي قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تحل لنبينا إلا ساعة من نهار، ثم عادت حراماً بحرمة الله إلى يوم القيامة.
أوصى بها الرحمن فهي عظيمة من غيرها الرحمن قد أوصى بها لو لم تكن خير البلاد على الثرى ما كان بيت الله فوق ترابها ولما اصطفاها الله قبلة خلقه ولما سعى الساعون نحو ركابها ولما اصطفى خير البرية مرسلاً بالحق والتوحيد من أعطابها النسك والإيمان من أفيائها والعدل والإحسان من أوصابها فكأنها صوت الزمان وثغره وكأن زمزمها زلال رضابها سجيلها باق على أعدائها وعلى حقول الحق قطر سحابها هي قلب هذي الأرض مقلة وجهها والباقيات علقن في أهدابها فسل الصفا ومنى وكل سرية عن أشرف الماشين فوق ترابها حدت لها قبل الأنام سماؤها بحديد سجيل على سلابها من هاهنا مر الأمين ومن هنا أسرى وفاض العدل من خطابها ما زال يخترق الفضاء دلالها هرم الزمان ولم تزل بشبابها جمع الزمان جميعه فإذا به يجثو خشوع القلب في محرابها فاغسل فؤادك يا شهيد بمائها إن شح ماء فاغتسل بترابها