حياء الاستحقار واستصغار النفس، وهو أن الإنسان إذا كانت له نفس علية يستحي أن يصدر منه الشيء الصغير، مثل الرجل الذي قدم له غني من أبناء الدنيا مالاً فقال: إني والله أستحي من ربي أن أسأله الدنيا وهو خالقها ومالكها، فكيف أسألها من غير مالكها؟! ويأتي إليك شاب طويل وعريض وهو مكروب مهموم، فتسأله: ما لك يا أخي! هل أنت تعد خطة حربية مثلاً للاستيلاء على مدينة وضاعت منك في آخر لحظة؟ فيقول لك: لا، وإنما في هذا اليوم يمكن أن إبراهيم حسن لن يلعب مع الزمالك.
وهناك إخوة كثيرون يستيقظون الصبح وليس همهم غير المباريات، وسيدنا أبو موسى الأشعري قال لما رأى الناس قد بدت عوراتهم: لأن أموت ثم أنشر ثم أموت ثم أنشر ثم أموت ثم أنشر خير لي من أن أرى عورة رجل أو يرى رجل عورتي.
وقد اختلف العلماء في حد العورة: هل هي من السرة إلى الركبة أو العورة المغلظة فقط؟ والذي لا يهتم إلا بالمباريات هو الرجل الصفر، وكما يقول الشيخ إبراهيم الدويش: الرجل الصفر ليس له مكانة، سواء وضعته على اليمين أو على الشمال، فهو الصفر موضوع على الشمال، وهو ليس مثل أم الشيخ محمد رشيد رضا، فقد كانت إذا لقيت ابنها مهموماً تقول له: ما بك يا محمد! هل مات اليوم أحد من المسلمين في الصين أو فلسطين؟! ومن حقارة النفس أن يشغل الإنسان نفسه بتوافه الأمور، والدنيا تصب جام غضبها على المسلمين في كل مكان: بيروت في اليم ماتت قدسنا ذبحت ونحن في العار نسقي وحلنا طينا أي الحكايا ستروى عارنا جلل نحن الهوان وذل القدس يكفينا القدس في القيد تبكي من فوارسها دمع المنابر يشكو للمصلينا وعظائم الأمور عندما تحل بالأمم تجعلها تفيق من غفلتها ومن نومها الثقيل، والإنسان عندما يجد بيته قد انهدم واحترق وأولاده في الشارع يصحو، فما باله إذا رأى أن أخوته يقتلون ويذبحون كل يوم لا يحرك ساكناً؟ وإن الرجل يقول: لو فتح باب الجهاد فكلنا سنخرج، وربما خانتك نفسك بسبب المعاصي، ولا تقدر أن تخرج بسبب الذنوب، فاتق الله عز وجل.