قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:٣].
انظر إلى دقة اللفظ وإعجازه! {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:٢ - ٣]، ولم يقل الله عز وجل: وما ينطق بالهوى، وإنما قال: عن الهوى.
وهذا أعجب وأجمل وأثبت في المعنى؛ لأن هذا يفيد صدق المصدر الذي أخذ منه الكلام، وصدق النص، فقد يصدقك الكذوب أحياناً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي هريرة:(صدقك وهو كذوب).
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ}[النجم:٣ - ٤] الضمير هنا يعود على نطق الوحي، أي: إن نطقه كله إلا وحي يوحى، وهذا أثبت في المعنى وأجمل، ومعناه أن كل ما يتكلم به وحي، ومصداق ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود وصححه الألباني، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، وقال تعالى:{وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[النساء:١١٣] قال الشافعي: الحكمة هي السنة، وقال الأوزاعي: روي عن حسان بن عطية: كان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم السنة مثلما كان يدارسه القرآن.