لماذا قيام الليل؟ ولماذا الحديث عن قيام الليل؟ أولاً: لكونه صلاة، والصلاة خير موضوع، كما جاء في الحديث الذي حسنه شيخنا الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(الصلاة خير موضوع، فمن أراد أن يستكثر فليستكثر)، وإذا أردت أن تزلف إلى الله عز وجل فلا بد أن تدخل عليه من باب الاستقامة، ومكانها المحراب.
إذا توهم الدنيوي جناته في الدينار والدرهم، والقصر المنيف، والزوجة الحسناء، فإن جنة المؤمن في محرابه.
فهذا ثابت البناني تلميذ أنس بن مالك رضي الله عنه يقول فيه أنس: إن للخير مفاتيح، وإن ثابتاً مفتاح من مفاتيح الخير.
يقول ثابت: لو كان شيء أعز من الصلاة لما قال الله عز وجل: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}[آل عمران:٣٩].
وقال: الصلاة خدمة الله في الأرض.
وقال: لا يسمى العابد عابداً -ولو كان فيه كل خصلة من خصائل الخير- حتى تكون فيه هاتان الخصلتان: الصوم والصلاة، لأنهما تأخذان من لحمه ودمه.
وقال رحمه الله: كابدت قيام الليل عشرين سنة، واستمتعت به عشرين سنة.
قال الله تبارك وتعالى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}[البقرة:٤٥]، قد يضعف الصبر على طول الطريق الشائك، وقلة الناصر، وقساوة القلوب، وأن ترى الشر منتفشاً، والخير منزوياً، ولا شعاع في الأفق، ولا معلم في الطريق، فهنا قد يضعف الصبر، فالله عز وجل أمر الصبر في الصلاة؛ لأنها انطلاقة من حدود الأرض إلى كون الله الفسيح.
إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة! إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود! وعلى أبواب المشقات العظام دائماً يوجه الله عز وجل المسلمين إلى الصلاة:(أرحنا بها يا بلال!) وقيام الليل زاد الدعاة إلى الله عز وجل في كل وقت وفي كل حين.