[مبشرات من القرآن]
إن المستقبل للإسلام، وهذه مبشرات من القرآن الكريم، ومن السنة المطهرة، ومن السنن الربانية، ومن تاريخ المسلمين ومن خصائص الإسلام، ومن واقع هذه الأمة، ومن شهادات عقلاء الغرب بأن المستقبل للإسلام.
لا تهيئ كفني يا عاذلي فأنا لي مع الفجر مواثيق وعهد قال الله عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٢ - ٣٣].
وقال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:٨ - ٩]، هل رأى الناس إلا ديناً يضيء للدنيا كالمصابيح؟ فعصفوا عليه بأفواههم كما تعصف الريح، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصف:٨]، وأين سراج النجم من نفخة ترتفع إليه كأنما تذهب لتطفيه؟! وأين نور القمر من كف يحسب صاحبها أنه سيرفعها إليه ليطفئه؟! هيهات هيهات! دون ذلك درج الشمس -وهي أم الحياة- في كفن وإنزالها بالأيدي -وهي روح النهار- في قبر من كهوف الزمن! إن المصباح السماوي الذي أوقده رسول الله صلى الله عليه وسلم تألب عليه بعضهم من يوم أبي لهب، ومن يوم حيي بن أخطب -وزال هؤلاء وذهبوا إلى مزابل التاريخ وبقي الإسلام شامخاً.
فالإسلام كالشمس لا يغرب مطلقاً، فانظر -مثلاً- حينما سقطت غرناطة -دولة المسلمين بالأندلس- في نفس الوقت كان سليمان القانوني يدق أسوار فينا ويصل إلى الميدان الرئيسي في فينا، واحتل بلغراد ودخلها في يوم الجمعة ٢٥ رمضان، وأعلى الأذان في معابدها، ووصل خير الدين بربروس وهو قائد البحرية التركي الذي أنشأ دولة الجزائر، وصد الأسطول البرتغالي الأسباني ثلاث مرات ودحرهم، وأنقذ (٧٠٠٠٠ أسيرة مسلمة)، وأراد أن يعبر جبال البرانس بفرنسا، بل وصلت قوات المسلمين إلى مدينة سانت جنوب باريس بثلاثين كيلو متر.
وحينما سقطت دولة الخلافة العباسية -في نفس الوقت- قامت دولة الإسلام الفتية في الهند.
قال الله تبارك وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:٥٥]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:١٧١ - ١٧٣].
فكلمة تكون بها عوالم، وتخلق بها نواميس، وكلمة تذهب أدراج التاريخ، يقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:٥١ - ٥٢]، وذكر الله تبارك وتعالى لنبيه عيسى أن أتباعه من المسلمين فوق الذين كفروا، قال: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:٥٥]، وكذلك كل متبع للنبي ولمن سبقه من الأنبياء كما قال ابن كثير.
وقال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩].
إن الله أبتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن ظلم الأديان إلى عدل الإسلام، قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:٥٦]، وقال الله تبارك وتعالى عن حزب الشيطان: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:١٩]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الأبرار منازل الفجار)، فهما طريقان أيهما أخذتم أدركتم ثمرته.
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة:٢٠ - ٢١]، وقال تعالى: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:١٢٨]، وقال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:٨٣]، وقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} [الطلاق:٨ - ٩].
والعاقبة النتنة لأجيال البشرية الضالة المنكوبة الكافرة البعيدة عن طريق الله وطريق رسوله، قال الله عز وجل مبشراً للمؤمنين: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:٥].
وقال الله تبارك وتعالى مبيناً معيته للمؤمنين: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:١٩]، وقال تعالى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد:٣٥]، وقال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:٢٤٩].
وبين الله عز وجل أنه ولي الذين آمنوا فقال: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:٢٥٧]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:١١].
قال أبو سفيان في غزوة أحد: اعل هبل، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يردوا ويقولوا: (الله أعلى وأجل)، فقال: لنا العزة ولا عزة لكم، فقالوا له: (الله مولانا ولا مولى لكم).
قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:٣٨]، وهو ناصرهم قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، وقال تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠]، وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:١١٠].
والله عز وجل يمكر لدينه دائماً قال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:٣٠]، وقال جبريل لـ أم إسماعيل: لا تخشي الضيعة إن الله لا يضيع أهله.
قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق:١٥ - ١٧].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:٣٦]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [المجادلة:٥].
وقال تعالى: {جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأَحْزَابِ} [ص:١١]، وقال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران:١٢]، وقال تعالى: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد:١٧].
كل هذه مبشرات من كتاب الله عز وجل ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً، فليس بعد قول الله قول.