[من خصائص أمة الإسلام أن لها أسباب الشهادة في سبيل الله]
ومن رحمة الله عز وجل بهذه الأمة وكرامته لها أنه جعل الطاعون الذي كان رجزاً وعذاباً على الأمم السابقة شهادة لهذه الأمة، فمن مات بالطاعون مات شهيداً.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطاعون شهادة لأمتي، ووخز لأعدائكم من الجن).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وإن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع به الطاعون، فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتبه الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد).
ولذلك توفي في طاعون عمواس أمين هذه الأمة سيدنا أبو عبيدة عامر بن الجراح، وأعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ بن جبل، لما أصيب ابنه عبد الرحمن المكنى به، قال له: كيف تجدك يا بني؟ قال: يا أبت! {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[البقرة:١٤٧].
ثم أصيب سيدنا معاذ في أصبعه، فقال كلمة طيبة! قال: إنها لصغيرة، وقد يبارك الله في الصغير فيصبح كبيراً.
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر الهيتمي في بذل الماعون في فضل الطاعون، قال معاذ: إنها لصغيرة، وقد يبارك الله في الصغيرة فتصبح كبيرة، فمات بها، ولما جاءه الموت قال في سكرات الموت: اخنق خنقك، فوعزتك إني أحبك، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني ما كنت أحب البقاء في الدنيا لغرس الأشجار، ولا لكراء الأنهار، وإنما لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.