[نماذج من خوف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه]
وإن كان سيد الرسل قد شاب من ذكر أهوال القيامة أفلا يشيب العبد؟ وقد ورد أن أبا بكر الصديق قال:(يا رسول الله! قد شبت قبل المشيب، قال: شيبتني هود وأخواتها)، وفي رواية:(شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت).
ولما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً قد اجتمعوا قال:(علام اجتمع هؤلاء؟ قيل: اجتمعوا على قبر يحفرونه، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدر من بين يدي إخوانه، ثم واجه القبر حتى بل الثرى من دموعه، وقال: أي إخواني! لمثل هذا اليوم فأعدوا) هذا خوف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كان إذا قام إلى الصلاة يسمع لصوت صدره أزيز كأزيز المرجل).
وكان إذا هبت الريح دخل وخرج، فتقول له السيدة عائشة:(يا رسول الله! إن الناس إذا رأوا الغيم استبشروا -أي: لأنه سيجيء من بعده المطر- ولكني أعرف الكآبة في وجهك، قال: وما يؤمنني، إن قوماً رأوا عذاب الله عز وجل فقالوا: هذا عارض ممطرنا).
فبمجرد تغير الجو وهبوب الريح كان يعرف الخوف في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيها ملك ساجد واضع جبهته لله عز وجل).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(رأيت الجنة والنار فلم أر كالخير والشر قط اليوم) ثم قال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل).
فغطى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين، أي: صوت خارج من الأنف فائج عن البكاء.