للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهاد أم عمارة نسيبة]

ومقام أم عمارة نسيبة بنت كعب في أحد خير من الرجال، فهي الفاضلة المجاهدة الأنصارية، شهدت ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة، وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقطعت يدها وهي تجاهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان)، وكان يراها وهي تقاتل أشد القتال، وهي حاجزة ثوبها على وسطها، حتى جُرحت ثلاثة عشر جرحاً، وكانت تقول: إني لأنظر لـ ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها، وكان أعظم جراحها، فداوته سنة، وهو الذي ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: إلى حمراء الأسد، وشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها.

قالت أم عمارة: رأيتني وقد انكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا في نفر ما يتمون عشرة، وأنا وأبنائي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني ولا ترس معي، فرأى رجلاً مولياً معه ترس، فقال: ألق ترسك إلى من يقاتل، فألقى ترسه فأخذته فجعلت أتترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قالت: فأقبل رجل على فرس فضربني، فتترست له فلم يصنع سيفه شيئاً فولى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا ابن أم عمارة أمك أمك؛ قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب.

يعني: قالت: أعانني ابني على قتل هذا الكافر حتى قتله معي.

وقتل ابنها مسيلمة الكذاب، وكانت تشجعه على هذا، جرحت يوم أحد اثني عشر جرحاً، وجرحت يوم اليمامة أحد عشر جرحاً، وقطعت يدها وقدمت المدينة وبها الجراحات.

فلقد رئي أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها، وهي عجوز مسنة قد قطعت يدها، ولكن مسليمة قتل ابنها فلله درها من امرأة!! وقد تكون المرأة ناعمة في بيت أبيها، لئن جاز للعواتق الناعمات من بنات حواء حياة ناعمة وهاجعة في بيوت آبائهن، يجررن فيها الذيول، تستعرض الواحدة منهن أنواع الحلي والزينة، وتضحي المسك فوق رأسها نؤوم الضحى لم تنطق عن تفضل، فإنها في بيت الحركة تكون فدائية.