[قراءة القرآن مع التدبر والفهم]
السبب الأول الجالب للمحبة: قراءة القرآن بالتدبر لمعانيه، والتفهم لمقاصد كلام الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يحب الله ورسوله فلينظر في المصحف)، صححه الألباني.
وقال الحسن البصري: رحم الله أقواماً قرءوا القرآن على أنه رسائل من الله عز وجل إليهم، فقدروا قدر الرسائل، وقدروا قدر المرسل، قرءوا القرآن على أنه رسائل من الله عز وجل نازلة إليهم في التو، فالقرآن أحدث الكتب نزولاً من عند ربنا، قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقى المطر بثوبه، ولما سئل عن ذلك قال: (إنه حديث عهد بربه) فما ظنك بالقرآن! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يستمع القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليستمعه من ابن أم عبد) سيدنا عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن على أنه رسائل من الله عز وجل إليه، فيتفاعل مع القرآن، وينزل القرآن على واقع عصره لا يغيره عن عصره، ويداوي به أدواء قلبه من الشهوات والشبهات.
وهذا أحمد بن أبي الحواري تلميذ الإمام أحمد وهو المسمى بريحانة الشام يقول: إني لأعجب لقراء القرآن كيف يهنيهم النوم ومعهم القرآن، أما والله لو علموا ما حملوا لطار عنهم النوم فرحاً بما رزقوا! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من علم آية من كتاب الله فله ثوابها ما تليت).
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
(إن الله يرفع بهذا الكلام أقواماً ويضع به آخرين).
يقال لقارئ القرآن يوم القيامة: (اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية كنت تقرؤها).
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له به أجران).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (عليك بالجهاد والقرآن؛ إنه ذكرك في الأرض، وروحك في السماء).
ويقول سيدنا عثمان بن عفان: لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم.
ويقول خباب بن الأرت: يا هنتاه! تقرب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه.
منع القران بوعده ووعيده مقل العيون بليلها لا تهجع فهموا عن الملك الكريم كلامه فهماً تذل له الرقاب وتخضع قال ابن الصلاح فيما رواه السيوطي في الإتقان: وتلاوة كلام الله عز وجل كرامة اختص الله بها البشر دون الملائكة، فإنهم لا يتلونه، ولكنهم يستمعون إليه من البشر.
قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٧] العجب من قول الله عز وجل: (اذكروني)! من نحن حتى يأذن الله عز وجل ويسمح بكرمه ومنه وفضله أن تتلى آياته بألسنتنا الخطاءة الجافية التي تخوض في الباطل؟! هذه نعمة كبيرة من الله عز وجل، فكيف إذا ذكرك الله عز وجل؟! يا كسول! يا جهول! لو سمعت صريف الأقلام في اللوح المحفوظ وهي تكتب اسمك عند ذكرك لمولاك لمت شوقاً إلى مولاك! {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:٢٣].
وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦].
وقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:٢١].
وقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:٥٨] قال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن، ورحمته الإسلام.
وقال الله تبارك وتعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت:٥١] آيات منزلة من فوق العرش، الأرض منها سماء، وهي منها كواكب، إذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة، وإذا هدرت فأمواج البحار الزاخرة، فلم الإعراض عن القرآن؟ لم أترك القرآن تلاوةً وتدبراً وتحاكماً إليه؟ عجت فروج الناس ثم حقوقهم لله بالبكرات والآصال كم تستباح بكل شرع باطل لا يرتضيه ربنا المتعال والكل في قعر الجحيم سوى الذي يقضي بحكم الله لا لنوال أو ما سمعت بأن ثلثيهم غداً في النار في ذاك الزمان الخالي وزماننا هذا وربك أعلم هل فيه ذاك الثلث أو هو خالي هذه الأيام هي أيام القرآن، هذه الأيام خير أيام الدنيا، كما جاء في حديث جابر عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أفضل أيام الدنيا أيام العشر)، هذه الأيام يجوز فيها ختم القرآن في يوم وليلة، كما قال ابن رجب الحنبلي، وعلى هذا جمهور أهل العلم، فأين أنت من القرآن؛ من تعليمه لزوجتك وأطفالك؟ ومن حفظك إياه؟ لو حفظ كل إنسان فينا آيتين عند الفجر، وآيتين عند الظهر، وآيتين عند العصر، والمغرب والعشاء، وقام بهن الليل حتى من المصحف يرددهن فإنه سيحفظ القرآن ولا ينساه، يحفظ القرآن في عشر آيات يومية مقسمة على خمسة أوقات، يحفظ القرآن في مدة سنتين، فأين نحن من كلام الله عز وجل؟!