[النعيم الروحي لأهل الجنة]
هل هناك نعيم روحي لأهل الجنة؟ فقد قال الله عز وجل: {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:٣٨] فمن النعيم الروحي الأمن أي: لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ولا خزي فيها أيضاً، قال تعالى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم:٨].
والجنة رحمة قال تعالى في الحديث القدسي: (أنتِ رحمتي أرحم بكِ من أشاء)، وقال تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:١٠٧].
والجنة حب وود قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:٤٧].
والصور جميلة قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عبس:٣٨] يعني: نيرة جميلة.
{ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس:٣٩].
تضيء بالسعادة وجوههم قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:١٠٧].
يسعون إلى الجنة ومعهم النور قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد:١٢].
قد جاوروا النبيين: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:٦٩].
وهم في صحبة أسرهم وأصدقائهم: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد:٢٣].
يقربهم الله عز وجل، ونعيم القرب من الله عز وجل ليس كأي نعيم ثانٍ: {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة:١١] ويجعلهم في عليين، ويثيبهم من رضوانه.
قال الله عز وجل: {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} [الغاشية:٩] يعني: فرحين بما قدموا راضين عن جزاء الله عز وجل، راضين عن أنفسهم، يرددون دائماً: الحمد لله الذي صدقنا وعده، الحمد لله الذي هدانا لهذا، ليس لهم عند التسليم {إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:٢٦].
هي دار السلام دعواهم فيها التسبيح: {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس:١٠].
يسمعون صوت داود وصوت ربهم وصوت غناء الحور الحسان: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر:٤٦].
والجنة فسيحة، قال الله عز وجل: {وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر:٧٤] فيا بائعاً هذا ببخس معجل! ارجع وعد إلى هذه الدار، واجعل كل همك أن تحصل عليها.
إن رحمة الله عز وجل عرضها السماوات والأرض، فإياك إياك ألا يكون لك قدم فيها، لمثل هذه الجنة فاعمل، لمثل هذه الدار فانشط وكد واتعب، إن من فارق الراحة وجد الراحة.
يا ابن الإسلام! من جد وجد، وليس من سهر كمن رقد.
إذا قال لك الكسالى والبطالون: هلم إلى الدنيا فقل: ما عند الله عز وجل أعظم وأجل، إنما خلقنا لجوار الرحمن، للدار التي ارتضاها الرحمن مكافأةً لعباده، نسأل الله عز وجل أن يدخلنا هذه الجنة، فإن دخول الجنة محض منٍّ وكرم وفضل من الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لن ينجو أحد منكم من النار بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).
قال تعالى: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات:٦١]، وقال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:٢٦].
لو أن رجلاً سمع برجل هو أرفع إلى الله منه، فمات ذلك الرجل غماً، ما كان ذلك بكثير على من يريد أن يرث الفردوس، فلا تقلبوا الأمر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.