[فضل أم المؤمنين خديجة]
ولو لم يكن للنساء من فضل في هذه الأمة إلا أن أول مسلم كانت خديجة بإجماع المسلمين كما قال ابن الأثير، وأول شهيد في الإسلام سمية أم عمار.
قال ابن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين.
ويقول سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب)، ومعنى: (من قصب) أي: من عيدان اللؤلؤ، وعيدان اللؤلؤ مستقيمة مستوية، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (لا صخب فيه ولا نصب)، وكذا كل بيوت الجنة، كما قال الله عز وجل: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:٢٥ - ٢٦]، ولكن ينص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الخاصية في بيت خديجة بالذات، وقد بشر عليه الصلاة والسلام خديجة ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب؛ وذلك لما دعاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أجابته خديجة طوعاً، ولم تحتج إلى منازعة ولا تعب في ذلك، بل أزالت عن النبي صلى الله عليه وسلم كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عسير، كما قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس).
وهي التي واست النبي صلى الله عليه وسلم، وآزرته وقالت له: (أبشر فوالله! لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق)، فهي خاصية من جمل الخصائص التي تميزت بها السيدة خديجة على باقي أمهات المؤمنين! وما عارضت النبي صلى الله عليه وسلم في أمر، وهناك من يقول: الأولى للداعية أن يتزوج داعية أو عالمة فإن لم تتحل بالورع فستجعل حياته نكداً، فعندما يقول لزوجته الفقيهة -مثلاً- قال الشافعي أو قال مالك، فستقول له: أنا على رأي الأحناف، فإن لم يرزقها الله عز وجل ورعاً ستشعل بيته حريقاً.
ولكن عندما تكون لا تعرف إلا أعمال البيت، وتصلي خمسها، وتصوم شهرها، وتحفظ فرجها، وتكون ذاكرة عادلة فهذا خير لها ولزوجها، فأنت لا تريد من المرأة إلا أن تحسن التبعل لك، فلا ترفع صوتها على صوتك، وأحلى وأعطر كلمة تقولها المرأة لزوجها: يا سيدي، تعطر بها فمها وتنال بها رضا ربها.
فقد كانت رابعة بنت إسماعيل الشامية إذا طبخت قدراً من الطبيخ تقول لزوجها: كله يا سيدي، فوالله! ما نضج إلا بالتسبيح.
وأم الدرداء كانت إذا ذكرت زوجها بعد موته، تقول: حدثني سيدي أبو الدرداء.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تعلم المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه)، فنحن نقول: لو أن المرأة تعلم حق زوجها فسيكون عندها شيئاً كبيراً عظيماً، هو سيدها فلو أقرت لزوجها بالأمر هذا سيكون البيت أجمل ما يكون، ولو نظرت إلى زوجها وكأنه أقل منها في شيء فسيكون البيت دماراً.
ونحن نعرف امرأة حاصلة على الدكتوراة في العلوم الشرعية، وهي متزوجة من مكنيكي لا يعرف إلا الصامولة ونحوها، ولكنه ملتزم، وبرغم هذا فهي من أسعد الزوجات وزوجها من أسعد الأزواج.
فلا يصح أن تنظر المرأة لزوجها بعين النقص فتجعل البيت شجاراً ودماراً.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يركز على هذه النقطة فبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب.