(أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله).
ويقول الله تبارك وتعالى:(حقت محبتي للمتاحبين في والمتباذلين في والمتزاورين في).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تبارك وتعالى: (المتحابون في والمتجالسون في والمتزاورون في على منابر من نور في ظل عرش الرحمن، يغبطهم النبيون والشهداء)؛ لقربهم من الرحمن، فلا تحب المرء إلا لوجه الله عز وجل، محبة خالصة من أي غرض دنيوي، لا لتجارة ولا لمال ولا لقرابة، وإنما تكون المحبة خالصة لوجه الله عز وجل، وكلما ازداد قرباً من الله عز وجل ازددت حباً له.
وحينما تقع المحبة يكون بذل المال أحقر شيء، لما أتى فتح الموصلي إلى عيسى التمار وكان أخاً له في الله فقال للجارية: أين أخي؟ قالت: ليس موجوداً، قال لها: فأين كيس نقود أخي؟ فأتت بالكيس، فأخذ حاجته من الكيس، ثم رده مرة ثانية، فلما أتى قالت الجارية: أتى أخوك فتح الموصلي وقال: أين كيس نقود أخي، فأخذ حاجته ثم مضى، قال: أشهد الله أنك حرة لوجهه إن كان ما تقولينه حقاً.
ولا تكتمل الصحبة حتى تقول لأخيك: يا أنا، إلا ما حرمه الله ورسوله، كلك لأخيك إلا ما حرمه الله ورسوله، أما واقع المسلمين فيوصف بقول الشاعر: يا من تنهش في أحشائي يا من مني يا من جزء من أجزائي يا من تبدو للجهال كأنك دائي إني أعلم أنك حتماً فيك شفائي قل لي هل يأتيك ندائي إنك مني أنت كأني حين شقائي حين جهلت طريق إلهي من عند الألف إلى الياء حين تصورت الدنيا حسي وغذائي وكفائي إنك مسلم تشهد أن إلهك واحد إنك فيها من شركائي لكنك دوماً تطعنني من خلفي وفي كعب حذائي حين أراك تقوم بهذا يغرقني خجلي وحيائي ووشاة القوم إذا بانوا تسري الطعنة في أحشائي قل لي هل يأتيك ندائي ابغ العزة عند إلهي ليس العز دمي وبكائي وغداً من قواك يميتك إن أنت أهملت ندائي كان الرجل منهم يموت فيخلفه أخوه في بيته أربعين سنة في الطعام والشراب والكسوة والمال على أهله لمجرد أنه كان أخاً له في الله فقط.
فمن لك بأخيك كله؟ كل منا تقع منه هفوات، ولكن أين المسامحة؟ فأنصف الناس من نفسك والكمال عزيز، ولن تجد الرجل كاملاً.
فإذا وجدت أخاً في الله عز وجل فشد عليه، فإن مجالسة الصالحين تحيي القلوب كما قال الحسن البصري.