[ضلال الخوارج في عصمة الأنبياء والرد عليهم]
وبعض الفرق الضالة، مثل العجاردة أتباع عبد الكريم بن عجرد من الخوارج قالوا: إن النبي قد يزيد أشياء في الوحي؛ لأن سورة يوسف ليست من القرآن الكريم ففيها العشق والعاشق والمعشوقة، وهذا لا يكون من كلام الله، ليس من عند الله.
والأزارقة جوزوا الكفر على الأنبياء قبل البعثة وبعد البعثة، فقالوا: ممكن للنبي أن يبعثه ربه بالرسالة ويبلغها ثم يكفر.
وهذا قالت به الأزارقة من الخوارج الذين هم جماعة نافع بن الأزرق.
وأما الفضلية من الخوارج فجوزوا الذنب على الأنبياء بعد البعثة، وكل ذنب عندهم كفر، فكفروا الأنبياء، وجوزوا كفر الأنبياء بعد البعثة.
والأزارقة الذين قالوا بجواز الكفر على الأنبياء قبل البعثة وبعدها استدلوا بقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:٧].
والإمام أحمد قال: من قال بكفر النبي قبل البعثة يعزر ويؤدب، وهذا القول قول سوء، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على دين قومه قط.
وأما قول الله عز وجل: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:٧] فإن الضلال في اللغة يطلق ويراد به أشياء، فيأتي الضلال بمعنى: الاضمحلال، يعني: الذهاب، كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ} [السجدة:١٠]، أي: إذا غبنا في الأرض، تقول: ضل اللبن في السمن، وضل السمن في اللبن، يعني: غاب السمن في اللبن.
فالضلال يأتي بمعنى الذهاب والاضمحلال.
ويأتي الضلال أيضاً بمعنى: الكفر، ويأتي أيضاً بمعنى: الذهاب عن حقيقة الشيء، كما في قول الله عز وجل: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:٥٢]، يعني: لا يذهب عن حقيقة الشيء بل يعلم حقيقة كل شيء، وكما في قوله عز وجل: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:٢٨٢].
إذاً: يكون معنى قوله: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} [الضحى:٧]، أي: ووجدك غافلاً عن أحكام الشرائع، لا تعرف الظهر كم ركعة، والعصر كم ركعة، والمغرب كم ركعة، والعشاء كم ركعة.
وفي تفسير ثان وإن لم يختره الشيخ الشنقيطي ولكن اختاره قوم كثيرون من علماء التفسير، قالوا: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} [الضحى:٧]، أي: محباً، أي: ووجدك محباً للهدى فهداك.
وقد جاء القرآن بذلك، فقال إخوة يوسف لأبيهم: {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف:٩٥]، يعني: في حبك القديم ليوسف.
وهناك قول أصرح وهو قول كثير عزة لـ عزة: هذا الضلال أشاب مني المفرقا والعارضين ولم أكن متحققا يعني: حبك أشاب مني المفرقا.
عجباً لعزة في اختيار قطيعتي بعد الضلال فحبلها قد أخلقا يعني: بعد هذه السنين كلها وبعد شيبي في حبها.
فيكون معنى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} [الضحى:٧] أي: وجدك محباً للهدى فهداك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.