[حرص الصحابة على اتباع السنة وحضهم الناس على ذلك وزجر من خالفها]
خير هذه الأمة الذي يعدل إيمانه بإيمان هذه الأمة بأسرها هو سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقد قال: ما كنت تاركاً شيئاً كان يعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت به؛ إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ.
أو أن أضل.
وسيدنا عمر بن الخطاب يقول: أيها الناس! اتهموا العقل على الدين، إن الرأي إنما كان مصيباً من رسول الله؛ لأن الله كان يريه ذلك، وإنما هو منا الظن والتكلف.
وقال سيدنا عمر: إياكم وأصحاب الرأي! فإنهم أعداء السنن، أعيتهم السنن أن يحفظوها فقالوا برأيهم فضلوا وأضلوا.
وقال: أيها الناس! اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني يوم أبي جندل وما آلو عن الحق في يوم صلح الحديبية عندما يجيء سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول لـ علي بن أبي طالب: (اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فيقول سهيل: ما نعرف اسم الرحمن ولكن اكتب مثل ما نكتب: باسمك اللهم) إلى آخر الصلح، فيعترض سيدنا عمر فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أتراني أرضى وتأبى يا عمر؟!) فسيدنا عمر رأى أن الشروط فيها ضرر على المسلمين فقال: (يا رسول الله! أولسنا بالمؤمنين؟ قال: بلى، قال: أوليسوا بالكافرين؟ قال: بلى، قال: أولست برسول الله؟ قال: بلى، قال: فلم نعطي الدنية في ديننا؟) فيقول سيدنا أبو بكر لـ عمر: (الزم غرزه).
وهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهره).
وهذا سيدنا عبد الله بن عباس يقول للصحابة: أيها الناس! يوشك أن تعذبوا وأن يخسف بكم؛ أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر.
وقال: أيها الناس! يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وقال عمر.
ولما حدث أبو الدرداء معاوية: (أن رسول الله نهى بيع الورق والذهب إلا مثلاً بمثل.
فقال: ولكني لا أرى بهذا بأساً؛ فقال أبو الدرداء: أيها الناس! من يعذرني من معاوية؟! أخبره عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه، لا أساكنك ببلدة أنت فيها).
وعمران بن حصين رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء خير كله)، فيقول بشير بن كعب وكان يهودياً فأسلم: ولكنا نجد أن فيه رقة وضعفاً، وأن فيه خيراً، فقال: أحدثك عن رسول الله وتحدثني عن معاريضك! لا آتيك بحديث أبداً، فجعل الصحابة يقولون له: يا أبا نجيد إنه طيب! فما زالوا به حتى سكن عنه غضبه.
وهذا سيدنا عبد الله بن عمر قال عنه سيدنا نافع: لو أن رجلاً رأى عبد الله بن عمر في اتباعه لآثار النبي صلى الله عليه وسلم لقال: جن عبد الله بن عمر، كان يرخي عنان ناقته ويقول لـ نافع: لعل خفاً يقع على خف، أي: لعل خف ناقتي يجيء على خف الناقة التي كان يركب عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان يأتي إلى مكان بين مكة والمدينة فيحيد عن الطريق، وعندما يسأل عن ذلك؟ يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ويأتي إلى شجرة بعينها يقيل تحتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيل تحتها.
وخير أمور الدين ما كان سنة وشر الأمور المحدثات البدائع