يا إخوتاه! إن الله يعطي أناساً يوم القيامة حتى يملوا، فإذا رفعوا رءوسهم وجدوا أمامهم قوماً قد سبقوهم إلى الدرجات العلى، فيقولون: يا رب! هؤلاء إخواننا الذين فضلتهم علينا؟ فيقول: هيهات هيهات، فإنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويقومون حين تنامون، ويظمئون حين تروون، ألم يقل الله تبارك وتعالى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[الحاقة:٢٤].
فكل الناس يأكلون، فما ثواب الصائمين؟ قال قتادة: يمد للصائمين موائد إطعام من رب البرية والناس بعد يحاسبون في عرصات القيامة.
وقال رسول الله صلى الله وعليه وسلم:(ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك).
بل يقول مكحول الدمشقي: يروح على أهل الجنة برائحة ما وجدوا خيراً منها، فيقال: يا رب ما هذه الرائحة؟ فيقال: هذه رائحة أفواه الصائمين فتتطيب الجنة من عطر أفواههم.
وهذا إبراهيم بن علي النيسابوري تلميذ الإمام أحمد ظل ستين سنة يسرد الصوم فمات وهو صائم، فقال قبل الموت لابنه: قرب لنا القدح يا بني! ثم قال له: يا بني! هل غربت الشمس قال: لا، قال: تنح عني إذاً، ثم تلا قول الله تبارك وتعالى:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}[الصافات:٦١] ثم مات.
وعروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة ظل يصوم يوماً ويفطر يوماً أربعين سنة، ومات وهو صائم.
فيا أهل الصيام! كيف حالكم مع الله تبارك وتعالى في هذا الشهر العظيم الذي ميزه الله تبارك وتعالى بخصائص دون باقي الشهور؟! الخير باد فيك والإحسان والذكر والقرآن يا رمضان والليل فيك نسائم هفهافة حنت لطيب عبيرها الرهبان