ومن الأسباب الجالبة لحلاوة الإيمان: من رضي بالله رباً، والرضا بالله رباً: أن ترضى بتدبير الله عز وجل وبكفاية الله عز وجل وبتدبير الله عز وجل، وأن تنزل كل حاجاتك بالله عز وجل.
ومن تمام الرضا بالله رباً: أن ترضى به سيداً وإلهاً، وترضى به حكماً، وتوحيد الربوبية لازم له، وكذا توحيد الألوهية، إذ كيف ترضى به خالقاً ورازقاً ومحيياً ومميتاً ووكيلاً وناصراً ولا ترضى به معبوداً ولا إلهاً حكماً، وإذا رضيت به مدبراً لك فسلم الأمر تجده أولى بك منك.
فسلم الأمور لله عز وجل وتوكل عليه وفوض الأمر إليه، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق:٣]، وهذا هو الجزاء الوحيد الذي لم يأت إلا في التوكل.
وإذا أنزلت أمرك بالله عز وجل وفوضت الأمور إليه وجدت القرب منه على درجات لا تحيط بها العقول مثل ما يقول القائل: ما زلت أنزل من ودادك منزلاً تتحير الألباب كيف نزوله والرسول صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثلاً تقريبياً فقط ولم يأت بكل درجات القرب، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: (من أتاني يمشي أتيته هرولة).
ولكنه لم يقل: ومن أتاني مهرولاً فعلت به كذا وكذا.
ومثل هذه الهرولة لا نحيط نحن بها.
(ومن تقرب مني شرباً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً).
ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر ومن تقرب إليه باعاً.
فهناك درجات في القرب له لا تحيط بها العقول، فمن تقرب إلى الله بجوارحه بأداء النوافل والفرائض أحبه الله عز وجل، وكان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، وهذا فعل الجوارح.
ومن أتى الله عز وجل بكليته -بقلبه كله وبروحه كله وبسره كله وبهمه كله- يكون الجزاء درجات في القرب لا تحيط بها العقول ولا الأفهام، وتكفي الإشارة إليها: فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب