للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كثرة الشهداء ببلاد الشام]

ومن فضائل بلاد الشام: كثرة شهداء بلاد الشام وأرض فلسطين، ونوع من شهدائهم أفضل الشهداء عند الله بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

فعن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل بالحمى والطاعون فأرسلت الحمى إلى المدينة وأرسلت الطاعون إلى الشام).

فأكثر المناطق في الأمة تعرضاً للطاعون بلاد الشام، وأكثر المناطق تعرضاً للحمى هم أهل المدينة.

قال: (الطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم ورجس على الكافرين).

وطاعون عمواس مات فيه الآلاف، ومنهم أمين هذه الأمة أبو عبيدة، وأعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل.

ومات فيه شرحبيل بن حسنة، وعبد الرحمن بن معاذ بن جبل، دخل عليه والده معاذ بن جبل قبل الموت، فقال: يا عبد الرحمن! كيف تجدك؟ قال: يا أبت {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران:٦٠]، ثم أصيب معاذ في إبهامه فجعل يقبله ويقول: إنك لصغير وقد يبارك الله في الصغير فيصبح كبيراً، فلما جاءه الموت قال: اخنق خنقك، فوعزتك إنني أحبك، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم، اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني ما كنت أحب البقاء في الدنيا لغرس الأشجار ولا لكري الأنهار، وإنما لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

أما كون أفضل الشهداء هم من أهل الشام فهذا في آخر الزمان وفي يوم الملحمة وفي أكبر معركة بين النصارى والمسلمين في الغوطة، وأرض الغوطة قريبة من دمشق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليه جيش من المدينة -والمدينة هنا هي دمشق بنص الأحاديث التي سنذكرها- من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم -أي النصارى الذين هم بنو الأصفر- خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبداً فيفتتحون القسطنطينية).

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث آخر: (والله! إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم ولون خيولهم).

والقسطنطينية تفتح مرتين، والتي هي أسطنبول، مرة على يد محمد الفاتح الذي فتحها وكان عمره اثنتين وعشرين سنة، وكان شيخه الشيخ آغا شمس الدين يغدو به وهو لا زال صغيراً حتى يشرف به على البحر ويقول: أتنظر هذه المدينة يا بني؟ هذه مدينة القسطنطينية سيفتحها أمير مسلم هو خير الأمراء، ويفتحها جيش من خير الجيوش عند الله، ثم يخرج به مرة ثانية بعد ثلاثة أيام أو أربعة أيام كذلك، فكبر الطفل ومعه الأمل أنه ربما يكون هو الفاتح.

وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه وإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص والفتح الثاني سيكون آخر الزمان بعد يوم الملحمة الكبرى التي ينتصر فيها المسلمون على الجمع الكبير من النصارى، وهم أربعون لواء تحت كل لواء اثنا عشر ألف مقاتل يهزمهم المسلمون.

وما قاله نبينا على العين والرأس نصدق به ونوقن به، فممكن أن تكون حرب آخر الزمان بالسيوف، ولا تتعجب فإن أكبر علماء الجيولوجيا في الغرب يقولون: إن نجوماً كبيرة تنفجر في الجو بما يسمى موت النجوم، وإذا التصق نجم منها بالأرض وانفجر فسينهي كل ما على الأرض من أدوات إلكترونية.