للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصبر واليقين طريق الإمامة في الدين]

الوجه الثاني في ذكر الصبر في القرآن الكريم: أن الله عز وجل ذكر أن الإمامة في الدين لا تنال ولا تدرك إلا بالصبر واليقين، قال الله تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤].

فالإمامة في الدين والتبحر في دين الله عز وجل لا يأتي في يوم وليلة، فالرجل الذي لا يصبر على طلب العلم أكثر من سنتين أو ثلاث وهو يريد التبوء والتصدر ولما يرسخ بعد أنى له ذلك؟ أما وعى قول القائل: تفقهوا قبل أن تسودوا.

كما أن الشهرة تمنع الرجل من طلب العلم كما يحلو له، وقال سفيان الثوري: ما صدق الله عبد أحب الشهرة، ولذا كان العلماء عبر التاريخ يفرون منها.

فطالب العلم عندما يحرص على تبوء المنازل قبل أن يصل يقطعه ذلك عن طلب العلم والاستزادة منه، ولذلك قال ابن عباس: ذللت متعلماً وعززت عالماً، ومن خدم المحابر دانت له المنابر.

فقوله: من خدم المحابر أي: من عكف على طلب العلم، ولذلك قيل للإمام أحمد بن حنبل: حتى متى أنت مع المحبرة؟ قال: مع المحبرة إلى المقبرة.

قال ابن القيم: إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين، وقال سيدنا سفيان بن عيينة شيخ الإمام الشافعي: لما أخذوا برأس الأمر جعلناهم رءوسا.